فيها منذ قرن حيث أنهم لما أصلحوها نقلوا إليها الأشجار العظيمة من الغابات ولهم في كيفية نقلها براعة أعان عليها علم جر الأثقال وآلات البخار ، حتى أنهم يحملون الشجرة بأرضها النابتة بها من غير أن تمس عروقها ويبقى محلها كأنه بئر.
ومنها غيضة «أبوادي قنسن» وهي خارج البلد من الجهة المقابلة للغيضة السابقة وهي على نحوها وأشجارها أكبر غير أنها لا رونق عليها ، وكان ذلك لعدم انتداب الأغنياء إليها وإنما يتفسح فيها الأواسط والفقراء لبعدها عن حارات الأغنياء ، ولكن لقهاويها ساحات لألعاب رياضية بدنية بآلات كثيرة تستعملها الأهالي ، وهاته الغيضة يوصل إليها بالعجلات والحوافل المسماة «بالأمنيبوس ، وبالتراموي» الذي تجره مزجية بخارية وكلا هذين النوعين لا يستعمل في الغيضة السابقة لكثرة واردها مع الغنى والترف.
ومنها غيضة «بارك مونسو» قرب «الشانزي لزي» لها أبواب من حديد مذهب أبهج من أبواب سرايات الملوك المسرفين وهي ليست بكبيرة جدا ، وفي باريس عدة غيضات على نحوها في كل قسم منها غير أنها أدون منها تأنيقا.
ومنها : «جردان دي كليماتسيون» الذي أنشأته جمعية أهلية للنباتات والحيوانات وقد جمع فيه من كلا الأمرين كل ما يقدر عليه البشر من جميع أقطار العالم ، ولكل نوع من الحيوانات أو النباتات هيئة وهواء صناعي على نحو ما هو معتاد به في قطره ، وقد تيسر بذلك التحفظ على حياة جميعها غير أن الأشجار المعالج هواؤها إذا أثمرت لم تكن ثمرتها كأصلها ، ومن ذلك النخل فإن تمره لم يكن تمرا ، ثم الحيوانات التي يصعب جلبها إذا مات منها شيء فإنه يصبر جسمه لينظر على نحو ما كان عليه مدة حياته ، أما ما رأيته فيها من الحيوانات البرية والبحرية فيلزمه كتاب حياة الحيوان ليستوفي الكلام عليها وأقول باختصار : إن أنواع الكلاب وحدها تزيد على المئات فضلا عن غيرها ، وكذلك أنواع الببغا من الطيور بألوانها وتذهيبها البديع ، ومن الحيوانات الغريبة نوع من الضأن الكبش منه كالحيوان المسبع غير أنه لا يأكل اللحم وإنما هو جريء وحشي قوي جدا ، ومن حيوانات البحر أسد البحر وله صوت عال ويخرج إلى البر أحيانا ليأكل ما يلقى إليه وهو سريع الحركة قويها جدا ، ومن حسن تربية الأشجار أن شجرة ترى قاعدتها على أصل واحد ثم تتفرع وتصير كالكورة ثم تجتمع وتصير أصلا واحدا ثم تختلف على أشكال عديدة ، وفي هذا البستان عجلات تجرها خيل صغار جدا لمن يريد الجولان راكبا ، وفيه عجلة يجرّها أربعة من المعز يركبها الصبيان وأخرى تجرّها نعامة يركبها الصبيان أيضا ، وهناك أفيال برخوتها يركبها كل من يريد ذلك ، وفيه أيضا محلات للقهوة وأخرى للجلوس وتنتابه الموسيقى في أيام من الأسبوع وعلى كل داخل للبستان أن يؤدي فرنكا واحدا ، أما إذا أراد شيئا آخر غير التمشي والجلوس فيؤدي أجره وله أن يشتري من كل ما في البستان من الحيوان والنبات غير أنهم إذا كان لهم من النوع فرد واحد فلا يبيعونه ، وقد وجدت فيه سنة