١٢٩٦ ه ملهى مركبا من سودان أفريقية سموهم «بالزلوس» لوقوع الحرب بينهم وبين الإنكليز في ذلك التاريخ ، لكنهم في الواقع من سودان مصر كما صرحوا لي أنفسهم بذلك ، ويتكلمون بالعربية ويصورون حروبا وغيرها.
ومنها : «جردان دي بلانت» وهو مثل السابق غير أن بينهما عموما وجهيا فالأول : أبهى منظرا وأكثر حيوانات ، والثاني : يشتمل على الحيوانات المسبعة التي يمنع وجودها في الأول لأن الثاني للدولة وفيه كل السباع إلا الكركدان فقد كان لهم منه واحد لكنهم أكلوه عند محاصرة باريس سنة ١٢٨٧ ه سنة ١٨٧٠ م. ومن أعجب ما رأيته من الثعابين ثعبان أسود في غلظ عقدتين وعيناه حمراوان جدا ويظهر عليه خبث شديد والزجاج المحيط به مرمد ووراءه أسلاك غليظة من الحديد مشبكة تشبيكا ضيقا ، ويقال إن سبب ترميد الزجاج : كون شعاع بصر الثعبان مسموما ، ورأيت فيه الحيات على أنواع ، ويلقون إليها أولاد الفار الصغار قبل نبات الشعر بجلدها فتنهشه الحية وتعرض عنه فيلقى مغشيا عليه يضطرب ثم تعود إليه إلى أن يموت فتأكل منه ، ولعل ذلك لأنها متعودة على أكل مثل ذلك.
وانظر من هذا المقدار اعتناءهم بتربية كل حيوان على طبيعته ، كما ينفرد هذا البستان بكونه فيه دار للتشريح والتاريخ الطبيعي مجسما فكانت جميع الأجسام من أنواع الحيوان فيه مصبرة ومشرحة والإنسان على جميع أطواره من النطفة إلى الشيخ الفاني ، كما يوجد فيه خزنة للكتب في الفن المذكور.
ومنها : قصر معرض سنة ١٨٥٧ م الذي جعل فيه الآن أنواع الصور والأصنام.
ومنها : قصر «اللوفر» الضخم المتقن البناء والتأنيق الملوكي ، وكان مسكنا للملوك والآن معرضا للظرف والآثار الدهرية ، وفيه بيت يشتمل على بعض بدائع ملوكهم ومجوهراتهم. ومما فيه : مائدة من المرمر الأبيض مرسوم على سطحها خريطة أرضية بألوان المرمر الأخضر والأحمر وغيرهما ، بحيث أن كل جهة من الأرض بلون خاص وفيه بيت لآثار الصينيين وآخر لدواخل أفريقية وآخر لأعمال «فرديناند دي لسبس» مسمى باسمه وفيه صورة خليج السويس مجسمة مع جميع آلات الحفر والأشغال ، وعدة بيوت لصور تشتمل على عشرات الآلاف من الصور وأخرى لبلدان مجسمة وبحار وسفن ومراسي وجميع غرائب الأقطار ، يقضي فيه الإنسان عدة أيام ولا يستوفي حصر ما فيه وقد أخذ من هذا القصر قسم لإدارة قسم من مالية الدولة.
ومنها : قصر «التولري» الذي وصله نابليون الثالث بالقصر السابق وخربه الإشتراكيون بالحرق في ثورة ١٢٨٧ ه سنة ١٨٧٠ م وعينت الدولة قسطا سنويا لترميمه على أصوله والعمل جار فيه ، غير أن ما كان داخله من الفرش والظرف لا يمكن استعواضها حيث كان مقر الإمبراطور ويحتوي على أنفس بدائع الملوك ، وأمام هذا القصر حديقة بديعة نضرة وبها ملهى ينتابها الناس نهارا وليلا ، ورأيتهم ليلة معجبين من أحد العازفين بآلة كالرباب كبيرة