الأكل فيجعل له سوم خاص لكل أكلة إن حضر أكل وإلا فلا يحسب عليه شيء لكي لا يلزمه الحضور والأكل في محل واحد أو أنه يخسر ثمنين للأكل بإعطاء ثمن الأكل في منزل السكنى ثم في المكان الذي يأكل به ، وإذا خرج المسافر يقفل بيته ويعطي مفتاحه لصاحب الباب لكي يكون رحله في أمن إذ يعتري السرقة في البيوت أحيانا سيما في نابلي ولا يطالب صاحب المنزل بما يسرق إلا إذ كانت الأشياء المسروقة ضروريا وضعها في البيت كالصندوق وأما المال والمصوغ وشبهه فلا ، ولذلك ينبغي لمن له شيء من ذلك أن يحمله معه أو يضعه في أحد البنوك لأن وضعه عند صاحب المنزل مخطر وإن أخذ منه حجة في ذلك إذ يحتمل إفلاسه فتذهب الأمانة سدى ، ولذلك يكون الأوفق للمسافر أن يحمل معه من المال العين شيئا قليلا وبقية ماله يصرفه بتذاكر بانكات معتبرة كبنك فرنسا أو إنكلترة ويحملها معه أينما ذهب لخفتها ويستريح ، ومهما أراد عين المال يصرف تذكرة من تلك التذاكر عند أي صراف أراد بل ربما ربح فيها إذ خصوص تذاكر البنك الفرنساوي والإنكليزي يرغب فيها أزيد من المال العين ولذلك يؤخذ عليها نصف في المائة زيادة عن قيمتها بخلاف تذاكر بنوك إيطاليا أو غيرها فإنها لا تصرف في غير ممالكها ، وفي ذات مملكتها تعطي الصرف أقل من قيمتها فمثلا التذكرة المسمى بها مائة فرنك من بنك إيطاليا إذا أردت أن تدفع المال وتأخذها فإنك تعطي مائة فرنك عينا وتأخذ مائة وثلاثة عشر ورقا وهاته الأوراق هي التي بها الرواج في إيطاليا بحيث أنها هي المعنية عند الإطلاق ، وفي إيطاليا عدة بنوك لها تذاكر من ذلك النوع فأما تذاكر بنك الدولة فإنها تروج في جميع إيطاليا سواء وأما تذاكر بنوك صيارفة أخر فلا تروج إلا في خصوص البلدان التي فيها البنك ، فمثلا تذاكر بنك نابلي لا تصرف في رومة أو غيرها من مدن إيطاليا فضلا عن غيرها فينبغي لمن سافر أن ينتبه لهذا.
وقد أقمنا بنابلي ثمانية أيام وتفرجنا على أغلب جهاتها وغرائبها وأشهر طرقها الحسنة البهيجة هو طريق توليدو وهو متسع عامر يمينا وشمالا بالقصور الشاهقة ، وبأسفلها الحوانيت للبضائع والتحف الأنيقة ويقرب منه في المنظر طريق البوسطة وطريق الدومو ثم طريق جديد يسمى فوريدو وهو أوسع من غيره وأنزه. وعلى حافتيه الأشجار ، لكن القصور التي حوله لم يكمل انتظامها إذ ذاك وهو في الجهة العليا من البلاد وبها عدة بطحاآت أشهرها وأكبرها التي أمام قصر الملك ، ويحيط بها قهاوي ومحلات للأكل ، ومن المباني الشهيرة التي رأيتها فيها قصر الملك الذي في البلاد وهو قرب شاطىء البحر وأمامه من جهة البحر حصون وأسفله من تلك الجهة مسكن للعسكر وعلى سطحه بستان متسع ذو أشجار ونوابع مياه تطل عليه شبابيك القصر والقصر ذو أربعة طبقات والمعد منها لسكن الملك هي الطبقة الثانية وهو قصر ضخم متقن البناء والتحسين والتزويق ، يشتمل على كنيسة وعلى ملهى خصوصي للعائلة الملكية ويشتمل أيضا على جميع الأثاث والأدوات المحتاج إليها في السكنى من فرش وأواني طعام على أنواع حتى من الفضة بحيث أنه منتظم كأن الملك