ساكن فيه ، والحال أنه لا يأتيه إلا أحيانا في بعض أوقات التنزه أو تفقد المملكة لأن مقر الحكومة مدينة رومة ، لكن لما كانت نابلي سابقا قاعدة مملكة النابلطان وكانت ملوكها مستبدين أشادوا ما شاءوا في قصورهم وبقي التحفظ عليها على ما كانت عليه ولها خدمة ومكلفون حتى أن الملك إذا قدم إلى هناك لا يستحق لجلب شيء معه سوى ملبوسه ويمكن له عقد الولائم الحافلة هناك كأحسن ما تصنعه الملوك وهكذا في كل بلد كانت قاعدة لملك في إيطاليا ، وبلصق هذا القصر الملهى الكبير المسمى بصان كارلو وله منفذ من القصر الملوكي وهو من أكبر ملاهي أوروبا وأتقنها ضخامة وتزويقا ويحمل من المتفرجين نحو ألف وخمسمائة متفرج وهو ذو ست طبقات فمنها أربع طبقات كل واحدة تشتمل على إحدى وثلاثين بيتا ، ومنها طبقتان كل واحدة تشتمل على ثمانية وعشرين بيتا وكل بيت تجلس به أربعة أنفس عدا بيت الملك التي في صدر الطبقة الثانية مواجهة للملعب ، هذا عدا المحل العمومي في الوسط الذي به مقاعد عددها ستمائة وثلاثون مقعدا وهذا الملهى لم يفتح إذ ذاك منذ سنتين اقتصادا من الحكومة لأنه يلزمها في كل ليلة لفتحه أن تعين على مصاريفه بألف وخمسمائة فرنك لأن دخل المتفرجين لا يكفي مصاريفه.
ومما شاهدته أيضا قصر الملك الذي خارج البلد في رأس الجبل ويسمى كابودي منتاني وهو قصر أصغر من السابق يحيط به بستان أنيق ولم يكن بالقصر فرش سوى بعض بيوته بها فرش عتيقة جدا لملوكهم الأقدمين موضوعة هناك للتفرج عليها وبقية البيوت بها آثار قديمة من السلاح وأدواته ، حتى كان منها بيت مملوء بصور أجساد آدميين متدرعين بأنواع شتى من الدروع على حسب اختلاف الزمان ، ومنها صور فرسان بخيلهم مدرعين ومنها صور بعض ملوكهم والدروع كانت حقيقية مستعملة حقيقة في الحروب ، وبعضها به آثار الضرب والطعن حتى بالرصاص من المكاحل وبقية بيوت القصر خاوية ، والجميع بناؤه أنيق ثمين.
وشاهدت أيضا أكبر كنائسها وهي كنيسة «صان جينارو» وهي ضخمة ذات أعمدة من المرمر ومن غريب ما فيها صورة صنم من رخام أبيض عليه ثوب كأنه صفيق بحيث يبدو ما تحته والحال أنه نحت من ذاك الرخام ، وشاهدت أيضا أكبر مارستان لهم وهو ذو بيوت كبيرة كل واحدة بها نحو المائة فراش كل منها بعيد عن الآخر قدر فراشين وكل فراش لمريض واحد عرضه نحو المتر وطوله نحو المترين وربع ، وهو على سرير من خشب يحتوي على فراش وعليه إزار ووسادة وغطاء من القطن ، والمريض لابس لقميص وعلى رأسه قلنسوة من نوع القميص والكل من منسوج الكتان الأبيض ، وكل بيت يحتوي على نوع واحد من نوع المرض أو متقارب النوع ، ولكل بيت خدمة بالأجرة يوفون للمرضى بجميع لوازمهم وإعطاء الدواء في أوقاته حسب إشارة الطبيب وزيادة على ذلك كثيرا ما تأتي نسوة من الأعيان وغيرهم لخدمة المرضى والرأفة بهم حنانا منهم ورغبة في عمل الخير ، وللمارستان عدة أطباء منهم من هو ذو وظيفة وله أجر عليها ، ومنهم من يداوي مجانا إما