ويكون مع أهله وأحبابه ، حيث العزة والكرامة ، والمحبة ، والقلوب الصافية ، والعاطفة المتوهجة ، وحيث يكون مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، خير الخلق ، وأشرف الكائنات ..
ولم تدم فرحته ثلاثة أيام حتى حلّت به الكارثة ، فقد وصل كتاب قريش ، يطالب بإرجاعه إليها ، ليواجه السجن ، والقيد والذل ، والعذاب ، والأذى النفسي ، والمهانة ، والفتنة في الدين وما إلى ذلك ..
فأمره رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بأن يرجع مع الرسولين ، ودفعه إليهما .. وقال له : نفس الكلمات التي كان قالها لأبي جندل حين سلّمه لأبيه سهيل بن عمرو ، حين كتابة صلح الحديبية.
أبو بصير يقتل آسره :
ويذهب أبو بصير مع آسريه ، ويسير معهما على طريق العذاب والآلام ، وهو يرى أن آسريه محاربون له ولدينه ، ومعتدون على حريته وعلى كرامته ، وهو لم يعقد معهم عهدا يعطيهم الحق بقهره وظلمه ، وبالعدوان عليه .. ويرى أن له كل الحق بدفع السوء عن نفسه ، وأن لا يمكنهم من إلحاق الأذى به.
كما أنه ليس لمحاربه وآسره أن يغفل الاحتياط لنفسه ، وأن يطالب بالأمان من ناحيته .. فإذا قصر في حفظ نفسه ، وظفر به عدوه فلا يلو من إلا نفسه ، فأبو بصير لم يعتد على آسره ولم يظلمه حتى حين يباشر قتله ، بل هو قد مارس حقه الطبيعي بالدفاع عن نفسه.