أن هذه الأمة سوف تسير على سنن من قبلها حذو القذة بالقذة ، ومطابق النعل بالنعل ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوا فيه ..
لماذا باللغة العربية؟!
إن ههنا سؤالا يفرض نفسه ، ويلح بطلب الإجابة عليه ، وهو : أن الله سبحانه قد بعث محمدا «صلىاللهعليهوآله» نذيرا للبشر كلهم ، أبيضهم وأسودهم ، عربيهم وعجميهم ، قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) (١).
وكان «صلىاللهعليهوآله» يكلم كل قوم بلسانهم ، فلماذا كتب لملوك الأرض كلهم باللغة العربية ، ولم يكتب لهم بلغاتهم الخاصة بهم؟!
والجواب :
أولا : من الطبيعي أن الإسلام يملك قيما حضارية ومبادئ إنسانية يريد لها أن تحكم العالم ، وتهيمن عليه ، فلا غرو أن يسعى لفرض لغته ومصطلحاته الخاصة به على الشعوب كلها ، واللغة هي الصلة بين جميع اتباع هذا الدين من هذه الأمة التي يفترض فيها أن تعيش تلك القيم ، وترتكز في تعاملها وسلوكها إلى تلك المبادئ. لأن المطلوب هو : أن تتحول تلك المبادئ والقيم إلى مشاعر وأحاسيس ، وأن يكون لها دور في صنع خصائص الشخصية الإنسانية ، وتصبح هي عينه التي ينظر بها ، وأذنه التي يسمع بها ، ولسانه المعبر عن حقيقته الباطنية ، وحركته العفوية ، وتكوّن
__________________
(١) الآية ٤ من سورة إبراهيم.