وتثبيتا للعظمة» (١).
ويعدّ هذا من أسباب قوة الدعوة ، وثباتها ، وتعزيزها في وجدان الناس ، وفي عقولهم ، وفي حياتهم العملية أيضا ..
تفاوت مستويات الرسائل العربية :
وقد يلاحظ : أن كتب النبي «صلىاللهعليهوآله» ، ورسائله ، وعهوده ، وإقطاعاته ، تختلف وتتفاوت من حيث اشتمالها على الألفاظ الوحشية والغريبة فيها تارة ، وخلوها من ذلك أخرى ، ومن حيث سهولة التعبير وحزونته فيها ، وغير ذلك من خصوصيات ..
والسبب في ذلك هو : أنه «صلىاللهعليهوآله» كان يكلم الناس ، ويكتب لهم على قدر عقولهم ، وحسبما ألفوه من لغاتهم ، ويصوغ لهم العبارات ، ويورد التراكيب وفق ما هو متداول فيما بينهم ، فأوجب ذلك اختلاف كلماته معهم ، ورسائله لهم ، من حيث وعورة الألفاظ وعذوبتها ، وسهولة التراكيب وتعقيدها. «اتساعا في الفصاحة ، واستحداثا للإلفة والمحبة ، فكان يخاطب أهل الحضر بكلام ألين من الدهن ، وأرق من المزن ، ويخاطب أهل البدو بكلام أرسى من الهضب ، وأرهف من القضب» (٢).
وكلا هذين النوعين من الكلام بليغ وفصيح ، فإن الغريب والوحشي لم يكن وحشيا ولا غريبا بالنسبة للذين خاطبهم به ، بل هو فصيح بالنسبة
__________________
(١) مكاتيب الرسول ج ١ ص ٨٤.
(٢) مكاتيب الرسول ج ١ ص ٨٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٦١٧ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص.