وباب العبودية هذا مفتوح أمام جميع المخلوقات ، فمن دخله كان آمنا ونال من البركات والفيوضات ، والكرامات والمقامات بمقدار إيغاله فيه ، وتحققه به ..
ولا بد أن يعرف البشر جميعا هذا الأمر ، معرفة حقيقية تخولهم إقامة الشهادة به .. ولا يكفي مجرد إخبارهم به في آية قرآنية ، أو في خبر نبوي ..
وهذا ما يفسر لنا : إدراج هذا الأمر في سياق الشهادة التي طلبها «صلىاللهعليهوآله» من كسرى حيث قال : «وأن محمدا عبده ورسوله ..»
أدعوك بدعاية الله :
وحين أراد «صلىاللهعليهوآله» الشروع في إبلاغ دعوته لكسرى ، قال له : «أدعوك بدعاية الله».
فكسرى إذن ، لا يواجه تحديا من إنسان مثله ، قد تأخذه العزة في مواجهته ، أو يأنف من التواضع له ، بل هو يواجه طلبا من إله الوجود كله ، وهو قوة لابد أن يعترف لها بالقدرة والإحاطة والمالكية والهيمنة.
ولا بد من الاستجابة لهذا الطلب ؛ لأن الاستجابة له لا تضر بمصالحه ، ولا تنقص من هيبته ، ولا تحد من نفوذه ، ولا تختزل من ثرواته ، ولا تقتطع شيئا من ملكه ، بل هي تزيده شوكة وعزة ، ونفوذا ، وسعة في الرزق ، وما إلى ذلك ..
إنها دعوة الله له للنجاح والفلاح ، والسداد والرشاد ، والاستقامة على جادة الهدى الإلهي ، وليست دعوة للذل والعبودية للأشخاص ، وإنما ليكون عبدا لله وحده ..