ولعل الذي دعاه إلى ذلك : خوفه من أن يكون انتشار الإسلام في رعيته سببا في تعاظم نفوذ كلمة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيهم ، إلى حد يؤثر على نفوذه ، ويضعف مكانته عندهم ، مع إدراكه أن الانقياد للدين ولرموزه يكون هو الأشد ؛ لأنه انقياد نابع من ضمير الإنسان ، ومن أعماق روحه ، وشغاف قلبه. لا خوفا من عصا ، ولا طمعا بشيء من حطام الدنيا. فابتكر هذه الطريقة من أجل حسم الأمر لصالحه ، وهكذا كان.
وأما إعلان الحرب من قبله على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فهو غير سديد ؛ لأنه سوف ينتهي إلى ما انتهت إليه قريش في حربها معه .. كما سيأتي توضيحه حين الكلام عن موقف المقوقس.
وبذلك يكون قيصر قد باء بإثم الأريسيّين ، أو القبط ، الذين كان يستطيع أن يهديهم إلى الحق ، ويأخذ بأيديهم إلى النجاة فساقهم إلى الكفر ، وأوردهم موارد السوء والبوار والهلاك ..
أكثر من كتاب إلى قيصر :
هذا وبمراجعة المصادر التاريخية يتضح : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أرسل كتبا أخرى إلى قيصر ، أحدها حينما كان راجعا من تبوك ، وقد طلب منه أن يعطي الجزية ، فإن أبى ، فعليه أن يواجه الحرب ، إلا أن يلتزم بأن لا يحول بين الفلاحين ، وبين الإسلام (١).
__________________
(١) مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤١٠ و ٤١١ عن المصادر التالية : الأموال ص ٢٢ وفي (طبعة أخرى) ص ٣٢ ، ورسالات نبوية ص ٣١٣ ـ ١١٧ ومدينة البلاغة ج ٢ ص ٢٤٧ عن جمهرة رسائل العرب والوثائق : ١١٠ / ٢٧ عن (الأموال وصبح ـ