ونقول :
إن البيعة على عدم الفرار ـ سواء أكانت هي نفسها البيعة على الفتح أم الشهادة ـ خلاف الحكمة والتدبير ، وذلك لأنها تتضمن اتهاما لأصحابه ، بأنهم مظنة الفرار ، من جهة ..
وفيها أيضا : إيحاء للعدو بأن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» غير واثق بنصر أصحابه له ، وأن عدم الثقة هذا قد بلغ حدا جعله يلجأ إلى أخذ المواثيق والعهود منهم بذلك ، من جهة أخرى.
ومن شأن هذا أن يدفع الأعداء إلى أن يطمعوا بالنصر عليه «صلىاللهعليهوآله» ، وأن يفكروا بأن بذل المزيد من الجهد قد يعطي ثمارا طيبة لهم ..
ومما يشهد على ما قلناه :
ما رووه : من أن أول من بايع هو سنان بن أبي سنان الأسدي ، فقال للنبي «صلىاللهعليهوآله» : أبايعك على ما في نفسك.
قال «صلىاللهعليهوآله» : وما في نفسي؟!
قال : أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل ، وصار الناس يبايعونه على ما بايعه عليه سنان (١).
بيعة المنافقين في الحديبية :
قالوا : وقد بايع جميع الناس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولم يتخلف منهم أحد إلا الجد بن قيس.
__________________
(١) تقدمت مصادر ذلك.