وإنما قلنا : إن هذا لا ينافي ذاك ؛ لأن من الجائز : أن كسرى قد مزق الكتاب أولا ، ثم عاد فتدارك الأمر بإرسال الهدية لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ثانيا .. ولكنه شفعها بالتهديد والوعيد.
وربما أرسل إليه مع تلك الهدية ترابا أيضا.
فقد قال ابن شهر آشوب : إن كسرى مزق الكتاب ، وبعث إليه بتراب ، فقال «صلىاللهعليهوآله» : مزق الله ملكه كما مزق كتابي. أما إنكم ستمزقون ملكه. وبعث إليّ بتراب : أما إنكم ستملكون أرضه.
فكان كما قال (١).
عدوانية كسرى تجاه رسول الله صلىاللهعليهوآله :
ويؤيد ما قلناه آنفا أيضا : ما يذكرونه من : أن كسرى كتب إلى (باذان) عامله باليمن : أن يسير إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ويستتيبه ، فإن تاب ، وإلا فليبعث إليه برأسه.
وفي نص آخر : أمره أن يبعث إلى الحجاز رجلين ليأتيانه برسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
فأرسل (باذان) قهرمانه ورجلا آخر إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بكتاب كسرى ، وكتب إليه يأمره بالمسير معهما إلى كسرى.
فدخلا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بزي الفرس ، وقد حلقا
__________________
ـ ص ١٣٢ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٣٢٨.
(١) المناقب ج ١ ص ٥٥ وفي (ط أخرى) ص ٧٠ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٣٢٩ والبحار ج ٢٠ ص ٣٨١ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٣٦٢.