وقال : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ..) (١).
لأنذر من كان حيا :
ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» يخبر من يكتب إليه : أنه لا يطلب منه شيئا لنفسه ، وإنما هو مجرد نذير له ، يريد بإنذاره هذا : أن يحفظ له عزته وكرامته ، وأن يجنبه مزالق الخطر ، وأن يؤمّن له السعادة والسكينة ، والأمن من كل ما يحذره ، ويخافه ، مما هو غائب عنه ، وهي غيبة تظهر عجزه وفشله ، والله هو الذي يحميه ، ويحفظه منه ، ويحصيه له ، ويدفعه عنه ، من موقع الهيمنة والقدرة ، والعزة ..
وقد أعلمه أيضا : أن هذا الإنذار الهادف إلى حفظ حياة الكرامة والسعادة للمنذرين لا يختص بفرد دون فرد ، ولا بفريق دون فريق ، بل هو شامل للناس جميعا ، ويهدف إلى تكوين مجتمع بشري يعيش معنى السعادة ، بعمق ، ويشعر بالأمن بجميع فئاته ، وشرائحه ، أفرادا وجماعات ..
وذلك انطلاقا من حقيقة : أن البشر كلهم يحتاجون إلى الأمن ، وإلى السلام والسلامة ، ويستوي في ذلك العربي والأعجمي ، والأبيض والأسود والملك ، وحفار القبور.
ويحق القول على الكافرين :
وعلى هذا الأساس ، فإنه إذا اختار أحد طريق الجحود ، ولم يستجب لنداء الله سبحانه ، فإنه تعالى هو الذي يجري عليه سننه ، ويتولى عقوبته ، وتكون خصومته معه تبارك وتعالى ، لا مع غيره .. فإن كان لأحد من الناس
__________________
(١) الآية ١٥٨ من سورة الأعراف.