نزولها قبل ذلك حين كان يحتج على يهود المدينة.
كما أن من الجائز أن يكون أهل نجران قد جاؤوا إلى المدينة في سنة ست.
الآية تفرض التوحيد :
وربما يتوهم بعضهم ، أو يتعمد القول : بأن مفاد الآية هو دعوة أهل الكتاب إلى الالتزام بالقواسم المشتركة بيننا وبينهم ، وهي عبادة الله ، وتوحيده ، ويبقى ما عداها خاضعا للبحث والحوار ..
إنه كلام غير صحيح ، بل إن الآية تريد أن تلزم أهل الكتاب بالتوحيد ، وأن تفرض عليهم التخلي عن الشرك ، وعبادة غير الله ، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
وهو أمر لا يرضاه أهل الكتاب ، وقد صرح القرآن بأنهم : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ..) (١).
وصرح أيضا بشركهم ، وبعبادتهم لغير الله عزوجل ، حيث قال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ..) (٢).
وقال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ، أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ، قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا
__________________
(١) الآية ٣١ من سورة التوبة.
(٢) الآيتان ١٧ و ٧٢ من سورة المائدة.