المسلمون يرفضون الإحلال :
ويقولون : إنه لما فرغ النبي «صلىاللهعليهوآله» من قضية الكتاب قال : «قوموا فانحروا ، ثم احلقوا».
فو الله ما قام رجل منهم ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فاشتد ذلك عليه ، فدخل على أم سلمة فقال : «هلك المسلمون ، أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا».
وفي رواية : «ألا ترين إلى الناس آمرهم بالأمر فلا يفعلونه ـ وهم يسمعون كلامي ، وينظرون وجهي»؟.
فقالت : يا رسول الله ، لا تلمهم ، فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ، ورجوعهم بغير فتح ، يا نبي الله ، اخرج ولا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك.
فجلى الله تعالى عن الناس بأم سلمة.
فقام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» واضطبع (١) بثوبه ، فخرج ، فأخذ الحربة ، ويمم هديه ، وأهوى بالحربة إلى البدن رافعا صوته : «بسم الله والله أكبر» ونحر.
فتواثب المسلمون إلى الهدي ، وازدحموا عليه ينحرونه ، حتى كاد
__________________
(١) الاضطباع : أخذ الإزار أو البرد فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره ، انظر النهاية ج ٣ ص ٧٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٥٦.