وهذا التوجيه النبوي الشريف ظاهر المأخذ : فإن مرحلة ما بعد الحديبية ، قد اختلفت كثيرا عن المرحلة التي سبقتها ، فإنه لم يعد ثمة من حاجة إلى التخفي في أي مسير يقوم به الجيش الإسلامي في أي اتجاه.
بل أصبح إيقاد النيران للجيش الإسلامي يرعب العدو أكثر من أي شيء آخر ..
ولم يعد هناك أي شيء من شأنه أن يفتح له باب التفكير بتسديد أي ضربة موجعة لذلك الجيش ، لأنه يرى أنه لم يعد له حيلة فيه ، وليس من مصلحته الاحتكاك به ، بل المصلحة كل المصلحة تكمن في الابتعاد عنه ، وإخلاء كل المحيط له.
وهذا هو أحد المظاهر التي تجسّد صدق قول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن هذا الصلح : إنه أعظم الفتح.
وظهر بذلك أيضا مصداق قوله تعالى في مناسبة هذا الصلح : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (١).
عمر يقطع شجرة بيعة الرضوان :
إن هناك مفارقات ظاهرة بين آراء وتصرفات عمر بن الخطاب وبين ما هو ثابت عن النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وعن الصحابة. بل هناك مفارقات بين تصرفات عمر بالذات.
فهو من جهة يتوسل إلى الله في الاستسقاء بالعباس عم رسول الله
__________________
(١) الآية ١ من سورة الفتح.