دون إراقة دماء .. وهكذا كان.
الصلف الذي لا يطاق :
وقد أمعن سهيل في صلفه ورعونته ، وردّ كل طلب من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. إلى حدّ جعل مكرز بن حفص ، وحويطب بن عبد العزى في موقع الإحراج الشديد ، واضطرهما للتدخل لحفظ ماء الوجه من جهة ، وحفظ فرصة عقد الهدنة وخشية على الصلح الذي جاؤوا من أجله من جهة أخرى ، فإن المهم عندهم هو إبرامه وأن لا يتعرض لنكسة خطيرة ، لا طاقة لقريش بتحملها ، ولا قدرة لها على مواجهة تبعاتها وآثارها.
هل في موقف الرسول صلىاللهعليهوآله تناقض؟!
وقد يقال : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد قال لسهيل حين ضرب ولده بغضن شوك : إنا لم نقض الكتاب بعد ، ولكنه عاد فقال لأبي جندل : إنا قد عقدنا مع القوم صلحا الخ ..
فهل بين كلاميه «صلىاللهعليهوآله» تناقض؟!
ونجيب : لا ، لا تناقض بين الكلامين ، فإن الاتفاق ـ كلاميا ـ كان قد تم بين الفريقين ، فيصح أن يقال : قد عقدنا مع القوم صلحا. وقد قال «صلىاللهعليهوآله» : عقدنا ، ولم يقل : كتبنا.
أما كتاب الصلح ، فلم تكن كتابته قد تمت ..
فيصح أن يقول : إننا لم نقض الكتاب بعد. فعبر بالكتاب ، وقال عنه : إنه لم يقض بعد ، أي لم يتم ، ولم يعبر بعقد الصلح.
وبذلك يتضح : مدى الدقة في التعابير التي صدرت من النبي الكريم ..