أتستمدني وأنت فى عشرة آلاف ، ومعك مالك بن عوف وحنظلة بن ربيعة وطليحة ابن خويلد وعمرو بن معدى كرب فى أمثالهم من فرسان العرب ، ومن معك من أهل الحسبة والرغبة فى الجهاد ، فتوكل على الله واستعنه وناهض عدوك ، ولا تهيب الناس ، واستفتحوا بحسن النية والحسبة والزهد فى الدنيا والإنصاف ، والصبر الصبر ، والصدق الصدق ، فإن النصر ينزل مع الصبر ، والأجر على قدر الحسبة ، واحذر على المسلمين ، وتحرز من البيات ، وأكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، واندب الناس إلى القتال ، ونفل أهل البلاء ، ومن قتل قتيلا فنفله سلبه ، ونكل على المعصية. واجعل الناس أسباعا ، واستعمل على كل سبع رجلا ، وقال بعضهم : أعشارا ، وقد كتبت إلى المغيرة بن شعبة أن يشخص إليك فى طائفة ممن قبله بالبصرة ، وكتبت إلى أبى عبيدة أن يمدك بجمع من الشام ، فإذا قدموا عليك فناهض عدوك ، وإن رأيت فرصة قبل ذلك فاغتنمها ، ولا تؤخر ذلك إن شاء الله ، ولا تستوحشن لقلة من معك ، ولا تهن لكثرة عدوك ، فكثيرا ما ينصر القليل ويخذل الكثير ، وقبلك طليحة بن خويلد ، وعمرو بن معدى كرب ، وحنظلة بن ربيعة ، وأوس بن معدان ، وابن زيد الخيل ، فلا تؤمرن أحدا منهم على أكثر من مائة ، وشاور عمرا وطليحة فى الحرب ، ولا تولهما جمعا.
فانتهى سعد ، رحمهالله ، إلى كل ما أمره به عمر ، رضياللهعنه ، من تهيئة الناس أسباعا أو أعشارا ، وقدم عليهم المغيرة فى ثمانمائة ، ويقال فى ألف وخمسمائة ، والمسلمون فى ضيق ، فقال المغيرة ، رحمهالله : من آسى إخوانه بطعامه وزاد هو بناقته وجمله ، فنحروا لهم وأخرجوا أطعماتهم فأصابوا منها ووقوا ، وأشار المغيرة على سعد أن يوجه السرايا فيصيبوا الطعام والعلف ، فقبل سعد مشورته ، وبث السرايا ، فأصابوا من الأطعمة ما كانوا يكتفون به زمانا.
وقد روى عن الشعبى أن عمر ، رحمهالله ، كتب إلى سعد مرتحله من زرود : أن ابعث إلى فرج الهند رجلا ترضاه يكون بحياله ، ردءا لك من شيء إن أتاك من تلك التخوم ، فبعث إليه المغيرة بن شعبة فى خمسمائة ، فكان بحيال الأبلة من أرض العرب ، فأتى غضبا ، ونزل على جرير ، وهو يومئذ هنالك ، فلما ننزل سعد بشراف كتب إلى عمر بمنزله ومنزل الناس ، فكتب إليه عمر :
إذا جاءك كتابى هذا فعشر الناس وعرف عليهم ، وأمر على أجنادهم ، وعبئهم ، ومر رؤساء المسلمين أن يشهدوا ، وقدرهم وهم شهود ، ثم وجههم إلى أصحابهم ، وواعدهم القادسية ، واضمم إليك المغيرة فى خيله ، واكتب إلىّ بالذى يستقر عليه أمرهم.