رخام مطبق ، فلما كشف غطاه لم يجد فيه غير رمة بالية قد أتت عليها الدهور الخالية ، فعند ذلك أمر المأمون بالكشف عن بقية النقب وأدلى جبلا طوله ألف ذراع بالذراع الملكى ، فكان صعوده ثلاث ساعات النهار وأنه وجد مقدار رأس الهرم قدر برك ثمانية جمال ، ويقال أنه وجد على الشخص المقبور فى الحوض الرخام [ق ١٣١] حلة قد بليت ولم يبق منها سوى سلوكها من الذهب ، وأنه مطلى على جسده بقدر شبر من مر وصبر وغير ذلك.
ويقال أنه وجد فى موضع من هذا الهرم ايوان فى صدره ثلاثة أبواب على ثلاثة بيوت طول كل باب منها عشرة أذرع فى عرض خمسة أذرع من رخام منحوت محكم الهندام على صفحاته خط أزرق لم يحسنوا أقرانه ، وأنهم أقاموا ثلاثة أيام يعملون الجبلة فى فتح هذه الأبواب إلى أن راوا بابها على عشرة أذرع وفيه ثلاثة أعمدة قائمة من مرمر ، وفى كل عمود خرق فى طوله ، وفى وسط الخرق صورة طائر ففى الأول من هذه العمدة صورة حمامة من حجر أخضر ، وفى الأخر صورة باز من حجر أصفر ، وفى العمود الثالث صورة ديك من حجر أحمر فحركوا الباز فتحرك الباب الذى فى مقابله ، فرفعوا الباب قليلا ، فارتفع الباب وكان بحيث لا يرفعه مائة رجل من عظمة ورفعوا الديك والحمامة فارتفع البابان الآخران فدخلوا إلى بيت الأوسط فوجدوا فيه ثلاث سرر من حجارة شفاف مضية ، وعليها ثلاثة من الأموات [ق ١٣٢ أ] على كل ميت ثلاث حلل وعند رأسه مصحف بخط مجهول ووجدوا فى البيت الأخر عدة رفوف من حجارة عليها اسفاط من حجارة فيها أوانى من الذهب عجيبة الصنعة مرصعة بأصناف الجواهر ووجدوا فى البيت الثالث عدة رفوف من حجارة عليها اسفاط من حجارة لامة الحرب وعدد السلاح فقاسوا منها سيفا فكان طوله سبعة أذرع [وطول كل ذرع من تلك الدروع أثنا عشر ذراعا ويدخل](١) فى الخودة رأسان من رءوس الناس ، فأمر المأمون أن لا يتعرض للأموات وحمل ما وجدوا فى البيوت ، وأمر برد تلك التماثيل التى فى العمدة فاعيدت كما كانت وانطبقت الأبواب كما كانت فى الأول.
ويقال كانت هذه الأهرام ثمانية عشر هرما منها تجاه مدينة فسطاط بمصر ثلاثة أكبرها دوره ألف ذراع وهو مربع فى كل وجه من وجوهه الأربعة خمسمائة ذراع.
ويقال أن المأمون وجد فيه لما فتحه حوضا من بحر مغطى بلوح من رخام وهو مملوء بالذهب وعلى اللوح مكتوب بقلم غريب [ق ١٣٢ ب] فعرب فكان أنا عمرنا هذه الأهرام فى ألف يوم وابحنا لمن يهدمها فى ألف سنة والهدم أسهل من البناء وكسوناها جميعهما بالدبياج الملون
__________________
(١) وردت هذه العبارة على هامش المخطوطة.