وكان مدة انقطاع عمل عيد الشهيد منذ أبطله الأمير بيبرس إلى أن أعاده الملك الناصر ست وثلاثين ، واستمر بعمله فى كل سنة بعد ذلك إلى أن كانت سنة خمس وخمسين وسبعمائة ترك المسلمون على النصارى ، وعملت أوراق بما قد وقف من أراضى مصر على كنائس النصارى ودورهم ، وحملت الأوراق إلى ديوان الأحباس ، فلما تحررت تلك الأوراق اشتملت على خمسة وعشرين ألف فدان كلها على الكنائس والديارات ، وعرضت على أمراء الدولة فى أيام الملك الصالح بن محمد قلاوون وهم الأمير شيخو العمرى والأمير [ق ٩٥ ب] صرغتمش والأمير طاز ـ فتقرر الحال على أن ينعم بذلك على الأمراء زيادة على أقطاعهم ، والزم النصارى بما يلزمهم من الصغار ، وهدمت لهم عدة كنائس.
فلما كان العشر الأخير من شهر رجب من السنة المذكورة خرج الحاجب والأمير علاء الدين بن الكورانى وإلى القاهرة إلى ناحية شبرا ومنع من نصيب الخيام على العادة ، وهدمت كنيسة النصارى التى كان فيها أصبع الشهيد فى صندوق ، وأحضروه إلى عند الملك الصالح ، فأحرقه بين يديه فى الميدان وذر رماده فى البحر ، وبطل عيد الشهيد من يومه إلى هذا العهد ، ولله الحمد ..
ذكر الخلجان
الذى شقت بأرض مصر
من مجرى النيل
أعلم أن النيل إذا انتهت زيادته فتحت منه خلجان وترع يتحرق الماء فيها يمينا وشمالا إلى البلاد البعيدة عن مجرى النيل ، وأكثر الخلجان والترع والجسور والأخوار بالوجه البحرى. وأما الوجه القبلى ـ وهى بلاد الصعيد فإن ذلك [ق ٩٦ أ] قليل فيه ، وقد ذهبت معالمه ودرست رسومه من هناك.
والمشهور من الخلجان : خليج سخا ومنف والمنهى وأشموم طناح وسردوس والأسكندرية ودمياط والقاهرة وأبى المنجا والناصرى.