ذكر تشعب النيل
من بلاد علوة
ومن يسكن عليه من الأمم
أعلم أن النوبة والمقره جنسان بلسانين كلاهما على النيل والنوبة وهم المريسى المجاورون لأرض الإسلام ، وبين أول بلدهم وبين أسوان خمسة أميال ويقال : النوبة ومقره من حمير وأكثر الأخبار على أنهم من ولد حام بن نوح عليه السلام وكان بين النوبة والمقرة حروب قبل النصرانية. وفى أول المقره قرية تعرف بناقة [ق ١٦٩ أ] على مرحلة من أسوان ومدينة ملكهم يقال لها بخراش على أقل من عشرة مراحل من أسوان.
ويقال أن موسى صلوات الله عليه غزاهم فى أيام فرعون فاخرب ناقة وكانوا صابية يعبدون الكواكب وينصبون التماثيل لها ثم تنصروا جميعا النوبة والمقرة ودنقلة ، وفى أول بلاد علوة قرى فى الشرق على شاطىء النيل تعرف بالأبواب ولهذه الناحية وال من قبل صاحب علوه بعرف باكو جراج والنيل يتشعب من هذه الناحية على سبعة أنهار فمنها يأتى من ناحية المشرق وكدر الكون يتشف فى الصيف حتى يسلك بطنه فإذا كان وقت زيادة النيل ينبع فيه الماء وزادت البرك التى فيه وكثر المطر والسيول هناك وقيل أن آخر هذا النهر عين عظيمة تأتى من جبل فهناك.
قال مؤرخ النوبة حدثنى سميون صاحب عهد بلد علوة أنه يوجد فى بطن هذا النهر فى الطين حوت لافشر له ليس هو من جنس ما فى النيل من الحيتان يحفرون قدر قامه حتى يخرج وهو كبير جدا ، ويقال أن بين علوة وبحة جنس يقال [ق ١٦٩ ب] لهم نازة يأتى من عندهم طير يعرف بحمام نازين ، ويعد هؤلاء أول بلاد الحبشة وعندهم النيل يسمونه النهر الأبيض وهو نهر يأتى من ناحية الغرب شديد البياض مثل اللبن الحليب.
قال : بعض من سلك بلاد السودان عن النيل الذى عندهم وعن لونه ، فذكر أنه يخرج من جبال وأنه تجتمع فى برك عظام هناك ، ثم ينصب إلى ما لا يعرف وأنه ليس بأبيض ، وإنما يكتسب ذلك اللون مما يمر عليه أو من نهر آخر ينصب إليه وعليه أجناس من