ذكر وادى هبيب
هذا الوادى بالجانب الغربى من أرض مصر فيما بين مريوط والفيوم يجلب منه الملح والنطرون ، وكان به مائة دير للنصارى ، وقيل أنه خرج منه سبعمائة راهب بيد كل واحد عكاز فتلقوا عمرو بن العاص بالطرانة يطلبون منه الأمان على أنفسهم وديارهم فكتب لهم بذلك أمانا وبقى عندهم يتوارثونه وكان بهذا الوادى الملح الأندرانى والملح السلطانى وهو على هيئة ألواح الرخام وفيه حجر الزجاج وفيه يوجد حجر الكحل الأسود ويوجد فيه حجر الزجاج. وفيه أيضا الماسكة وهو طين أصغر فى داخل حجر أسود تحل فى الماء ويشرب منه لوجع المعدة وفيه تسمى عين الغراب وهو ماء فى بركة طولها نحو خمسين ذراعا في عرض خمسة أذرع فى مغارة بالجبل لا يعلم من أين يأتى ولا أين يذهب [ق ١٦٥ أ] وقد استأجرها الملك المؤيد شيخ فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وجدد عمارة بساتينها ، وكانت قد خربت فاستمرت في ديوان السلطان من ذلك الحين.
ذكر صعيد مصر
وما قيل به ذلك
وكان فى أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون يمر المسافر من القاهرة إلى أسوان فلا يحتج إلى نفقة ولا زاد ، بل يجد بكل ناحية عدة دور للضيافة إذا دخل المسافر دارا منها أحضروا له ما يحتاج إليه من الأكل والشرب والعلف ونحوه ، والآن أمره إلى أن صار المسافر لا يجد فى طريقه من القاهرة إلى أسوان أحدا من الناس لتلاشى أمر بلاد الصعيد منذ كانت سنة الشراقى فى أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون وذلك سنة ست وسبعين وسبعمائة وتزايد تلاشية فى أيام الظاهر برقوق لجور الولاة علي أهله ، ولم يزل فى أدبار إلى أن كانت سنة ست وثمانمائة وشرقت أرض مصر بقصور مد النيل عنها ، وهى أهل الصعيد من ذلك ما لا يوصف شرحه تحيى أنه مات [١٦٦ ب] من مدينة قوص سبعة عشر ألف إنسان ،