القرافة الكبيرة بغير ارتقاء ولا صعود ، وكان يعرف قديما بالجرف ، ثم عرف بالرصد وذلك من أجل الأفضل أبى القاسم شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالى ، وأقام فوقه كرة من نحاس وزنها قنطار ، وقد ركبت على أعمدة من رخام لرصد الكوكب فعرف حينئذ بالرصد ، وكان الأفضل بناءه مسجد الطيفا الطف من مسجد القبلة ، وما زال موضع هذا الرصد متنزها لأهل مصر. ويقال أن المعز قديم من بلاد المغرب إلى القاهرة لم يعجبه وكأنها وقال لجوهر القائد إذا فاتك بناء القاهرة [ق ١٣٩ ب] على بحر النيل فهل لا كنت بنيتها على الجرف يعنى مكان الرصد ، ويقال أن اللحم علقوه بالقاهرة فتغير بعد يوم وليلة وعلقوه فى موضع هذا الرصد ، فلم يتغير ثلاثة أيام ولياليها لطيب هوائه ، وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون قد أنشأ فى هذا المكان سواقى لنقل الماء من أماكن قد حفر خليجا من البحر بجوار الآثار النبوية إلى عند الرصد فينقل بسواقي هناك إلى أن يصبر إلى قلعة الجبل فمات ولم يكمل له ما أراده من ذلك ، وقد قال بعض الشعراء فيه وأجاد فى تغزله وشعره :
وليلة عاش سرورى بها |
|
ومات من يحسدنا بالكمد |
بت مع المحبوب فى روضة |
|
وباتت من يرقبنا بالرصد |
ذكر مدائن أرض مصر
قال أثير الدين أبو حيان : أعلم أن مدائن مصر كانت كثيرة منها ما دثر وجهل اسمه ورسمه ، ومنها ما عرف اسمه وبقى رسمه ، ومنها ما هو عامر ، فأول مدينة عرف اسمها فى أرض مصر مدينة امسيوس وقذ محا الطوفان رسمها ولها أخبار معروفة وبها كان ملك مصر قبل الطوفان [ق ١٤٠ أ] ثم صارت مدينة مصر بعد الطوفان منف وبها كان ملك القبط والفراعنة إلى أن خربها بختنصر ، فلما كان الإسكندر بن فلبس المقدونى وليس هو ذو القرنين عمر مدينة الإسكندرية عمارة جديدة ، وصارت دار المملكة بمصر إلى أن قدم عمرو بن العاص بجيوش المسلمين وفتح أرض مصر ، فاحتاط بفسطاط مصر. وصارت مدينة مصر إلى أن قدم جوهر القائد من المغرب بعساكر المعز وملك مصر وبنى بها القاهرة ، فصارت دار المملكة بمصر إلي أن ألت الدولة الفاطمية على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فبنى قلعة