ذكر الجبال
أعلم أن أرض مصر بأسرها محصورة بين جبلين أحدهما من الجنوب إلى الشمال قليل الأرتفاع وأحدهما أعظم من الآخر ، وهو الجبل [ق ١٣٦ ب] الشرقى المعروف بجبل لوقا والغربى جبل صغير وبعضه غير متصل ببعض والمسافة بينهما يضيق فى بعض المواضع وتتسع فى بعضها وأوسع ما يكون بأسفل أرض مصر ، وهذان الجبلان أفرعان لا يتيسر فيهما النبات كما يكون فى جبال البلدان ، إنهما يورقيان ما كان ، لأن قوم طين مصر قوة تجذب منهما الرطوبة وكذلك مياه الآبار فيها المالحة والعذب.
وهذان الجبلان يجففان ما يدفن فيهما وأن أرض مصر بالطبع قليلة الأمطار وجبل لوقا فى مشرق أرض مصر يعوق منها ريح الصبا ويعوق عنها أيضا إشراق الشمس على أرض مصر إذا كانت فى الأفق ويتعدد أسماء هذين الجبلين بحسب مواضعهما من الأقليم ، فالمطل على مصر والقاهرة يسمى الجبل المقطم.
١ ـ الجبل المقطم
أعلم أن الجبل المقطم أوله بالشرق من الصين حيث البحر المحيط ، ويمر على بلاد التتار حتى يأتى فرغانه إلى جبال البتم الممتد بها نهر السند إلى أن يصل إلى جيحون فينقطع ويمضى فى وسطه بين شعبتين منه ، ثم ينقطع فيكون جميع مدن طوس وفيه متصل [ق ١٣٧ أ] به جبال أصبهان وشيراز وشهرزور وشهرورد ، ويمر على سائر دجلة ، ولا يزال هذا الجبل مستمرا من الأعمال أمد وميا فارقين حتى يمر بثغور حلب فيسمى هناك جبل اللكام إلى أن يغدى الثغور فيسمى نهران حتى تجاوز حمص فيسمى لبنان ثم يمتد إلى الشام حتى ينتهى إلى بحر القلزم من جهة ويتصل من الجهة الأخرى ويسمى المقطم ، ثم يتشعب ويتصل من الجهة الأخرى ويسمى المقطم ثم يتشعب ويتصل أواخر شعبة بنهاية المغرب.
وهذا الجبل حديثه يطول شرحه والذى ذكره العلماء أن تسميته بالمقطم ، لأن المقطم مأخوذ من القطم وهو القطع فكأنه لما كان منقطع فى الشجر والنبات سمى مقطما ذكر ذلك على بن الحسن المهنائى.