المنارة فى يوم خميس العدس يخرج سائر أهل الإسكندرية إلى المنار كلهم ، ولا بد أن يأكل هناك عدس ويفتح باب المنار ويدخله الناس فمنهم من يصلى ويذكر الله تعالى منهم من يلهوا ولا يزالون إلى نصف النهار ثم ينصرفون إلى منازلهم ، وكان فى هذا المنار يوقدون النار طول الليل حتى يهتدون المسافرون إلى مدينة الإسكندرية.
ويقال أن المنار كان بعيدا عن البحر فلما كان فى أيام قسطنطين هاج البحر وغرق مواضع كثيرة وكنائس عديدة كانت بالإسكندرية ولم يزل يغلب عليها البحر ويأخذ منها شيئا بعد شىء.
وذكر بعضهم أنه قاس بنأها فكان طولها مائتى ذراع وثلاث وثلاثين ذراعا وهى ثلاث طبقات.
فالطبقة الأولى مربعة وهى مائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعا.
فالطبقة الثانية : مثمنة وهى إحدى وثمانون ذراعا. والطبقة الثلاثة مدورة وهي إحدى وثلاثون ذراعا ، والقطب ذراعان وقيل لما استولى أحمد بن طولون على الإسكندرية بنى فى أعلى المنار قبة من خشب فأخذتها [ق ١٥٣ ب] الرماح.
وفى أيام الملك الظاهر بيبرس هدم بعض أركان المنار وسقط فأمر ببناء ما انهدم وذلك فى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، وبنى فى أعلاها مسجد وهدم فى ذى الحجة سنة أثنين وسبعمائة عند حدوث الزلزلة ، ثم بنى فى شهور سنة ثلاث وسبعمائة على يدركن الدين بيبرس الجاشنكير ، وباق إلى هذا الزملن.
ذكر ما قالته الشعراء فى المنار
قال الوجيه المناوى :
وسامية لا رجا عهدى أخا السرى |
|
ضياء إذا ما حندس الليل أظلما |
ليست بها بردا من الأنس صلفيا |
|
فكان بتذكار الأحبة معلما |
وقد ظلبتنى من ذراها بقية |
|
ألاحظ فيها من صحابى انجما |
فخيل أن البحر تحتى غمامة |
|
وإنى قد خيمت فى كبد السماء |