وقال ابن الفريانى : أنه شاد فى مدينة أفريقية قبرا احتقر فإذا فيه جثة رجل من العادية فكان قدر عظم رأسه كثورين عظيمين ووجد عند رأسه لوح من رخام مكتوب فيه بالقلم العادية وحروفه مقطعة فإذا فيه مكتوب اناكوش بن كنعان بن ملوك الأرض من آل عاد قد ملكت بهذه الأرض ألف مدينة وتزوجت ألف بكر وركبت الخيول سبعة آلاف ثم لم يغنى عنى ملكى ولا مالى شيئا وجأنى صايح ، فصاح بى حتى أخرجت من الدنيا فمن كان عاقلا ممن جاء بعدنا فاليعتبر بنا قال فأمر بعض الملوك بطاحن ذلك القبر.
وقال ابن أبى عدنان وقفت فى سنة أربع عشر وثمانمائة بدمشق من الباب الصغير على قبر ليدفن ميت لبعض أصحابى ، فلما تهيأ القبر ولم يبق إلا أن يدلى فيه الميت فإذا بالقبر قد انخسف وخرج منه ذباب كثير أزرق الألوان حتى كادت تغم على الحاضرين [ق ١٥٦ أ] فلما حمدت تلك الذباب فنزل الحفار فى ذلك القبر ، فإذا قبر طوله أثنا وعشرون ذراعا وفيه ميت قد صار مثل الرماد ووجد فى ذلك القبر ضرس له ثلاث شعب وهو قدر البطحة الكبيرة وأنه وزن بحضرته فبلغ رطلان وتسمع أوراق بالرطل الشامى فيكون ذلك على هذا الوزن نحو أثنى عشر رطلا بالمصرى فسبحان الخلاق.
ذكر طرف يسير
مما قيل فى الإسكندرية
قال الكندى : أجمع الناس على أن ليس فى الدنيا مدينة على ثلاث طبقات غير الإسكندرية. ولما دخل عبد العزيز بن مروان إلى الإسكندرية سأل رجلا من علماء الروم عنها وعن عدد أهلها. فقال له والله أيها الأمير ما أدرك علم هذا أحد من الناس والذى أخبرك به إن كان فيها من اليهود ستمائة ألف فإن ملك الروم أمر باحصايهم ، قال : فما هذا الخراب الذى فى أطرافها. قال له بلغنى عن بعض ملوك فارس حين ملكوا مصر أنه أمر بأخذ دينار على كل محتكر لعمران الإسكندرية فأتاه كبراء أهلها وعلماؤهم وقالوا [ق ١٥٦ ب] أيها الملك لا تتعب نفسك فإن الإسكندر أقام على بنائها ثلاثمائة سنة ، فلما عمرت أقامت ثلاثمائة سنة وأنها منذ خربه لها ثلاثمائة سنة. وقد قال بعض المفسرين من أهل العلم أنها المدينة التى وصفها الله تعالى فى القرآن. فقال أرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد.