ذكر مدينة أسوان
أعلم أن أسوان فى آخر بلاد الصعيد وهى ثغر من ثغور الأقليم القبلية تفصل بين النوبة وبين أرض [ق ١٧٣ أ] مصر وكانت كثيرة الحنطة وغيرها من الحبوب والفواكه والخضروات والبقول ، وكانت كثيرة الحيوانات من الإبل والبقر والغنم وبها بضائع تحمل منها إلى بلاد النوبة وعلى خمسة عشر يوما من أسوان معدن الذهب وهو البتر.
قال المسعودى : ومدينة أسوان يسكنها خلق من العرب وهم قبائل من قحطان ونزار من ربيعة ومن مضر ومن قريش وأكثرهم من الحجاز وهى بلد كثيرة النخل تودع فى أرضها النوبة من التمر فتنبت نخلة وتوكل من تمرها بعد سنتين. وكان بأسوان رجال من عساكرهم يستعدون بالأسلحة لحفظ الثغر من هجوم عساكر النوبة والسودان على الثغر فلما زالت الدولة الفاطمية أهل أمرهم.
ومما بها العجائب أن بها قرية تسمى أشاشى هى من أسوان على مرحلتين ونصف ذكروا أن فى شرقيها من جانب النيل قرية بسور وعلى باب من أبوابها جميزة وناس يدخلون ويخرجون فيها من ذلك الباب الذى فيه الجميزة ، وتلك القرية التى بالسور خارب لا ساكن بها فإذا عبروا إلى تلك القرية لم تجدوا بها أحدا من الناس [ق ١٧٣ ب] فإذا جاء الشتاء رأوا ذلك الناس الذى يدخلون فيها ويخرجون ، وذلك فى الشتاء دون الصيف قبل طلوع الشمس والناس مجتمعون قبل صحة هذا الخبر ، وكان بأسوان أنواع من التمر والرطب منها نوع من الرطب فى أشد ما يكون من الخضرة مثل السلق فأمر هارون الرشيد أن يجمع له ألوان التمر الذى بأسوان من كل صيف ، فجمع له من ذلك وبية فما أعجبه منها سوى الرطب الأخضر ولا يعرف فى الدنيا بسر بثمر قبل أن يصير رطبا إلا بأسوان.