ذكر مدينة أمسوس
وعجائبها وملكها
قال ابن وصيف شاه فى كتاب أخبار مصر وعجايبها وكانت مصر القديمة اسمها أمسوس ، وأول من ملك أرض مصر نفراوش الجبار بن مصرايم الأول بن مركاييل بن دوابيل بن غربان بن آدم عليه السلام ، وهو الذى بنائها المدن وعمل فيها عجائب كثيرة. ومنها طائر يصفر كل يوم عند طلوع الشمس مرتين وعند غروبها مرتين فيستدلون بتصفيره على ما يكون من الحوادث يتهبون لها ، وعمل صنم من حجر أسود فى وسط المدينة تجاهه صنم مثله إذا دخل إلى المدينة سارق لا يقدر أن يزول حتى يسلك بينهما فإذا دخل بينهما أطبقا عليه فيؤخذ.
وعمل أيضا على حد البلاد أصنافا من نحاس مجوفة وملاها كبريتا ووكل لها روحانية النار ، فكانت [ق ١٤٢ أ] إذا قصدهم قاصد أرسلت تلك الأصنام من أفواهها نارا أحرقته فى وقته ، وعمل فوق جبل بطرس منارا يفور بالماء ويسقى ما حوله من المزارع ، ولم تزل هذه الآثار حتى أزالها الطوفان.
ويقال أنه هو الذى أصلح مجرى النيل وكان قبل ذلك يتفرق بين الجبلين ، وأنه وجه إلى بلاد النوبة جماعة هندسوه وشقوا نهرا عظيما منه ، وبنوا عليه المدن وغرسوا عليه الأشجار واجب أن يعرف مخرج النيل ، فسار حتى بلغ خلف خط الاستواء ووقف على البحر الأسود المسمى بالزفتى وراء ماء النيل يجرى عليه مثل الخيوط حتى تدخل تحت جبل القمر ، وقد ملك مصر مائة وثمانون سنة ، وقسم الأرض بين أولاده ، ولما مات لطخ جسده بأدوية مفردة ، وجعل فى تابوت من ذهب وجعلوا كنوزه وأوانيه معه وكتب تاريخه على قبره.
وكان قد بنى في مدينة انصنا بأرض الصعيد ، وعمل فيها جنة وصفح حيطانها بالجواهر الملونة وبالذهب ، وغرس فيها أصناف الأشجار وأجرى تحتها الأنهار من ماء النيل وغرس فيها شجرة مولده تطعم سائر الفواكه [ق ١٤٢ ب] وعمل فيها قبة من رخام أحمر على رأسها صنم يدور مع الشمس ، ووكل بها شياطين إذا خرج أحد من بيته فى الليل هلل وبنى