ومات من مدينة أسيوط أحد عشر ألف إنسان. ومن مدينة هو خمسة عشر ألف إنسان وذلك غير الطرحان على الطرقات ، ومن لا يعرف من القربا ثم تلاشى أمره بعد ذلك إلى أيام المؤيد شيخ فلم يبق منه إلا الرسوم وكان الصعيد كثير المواشى من الضأن وغيره بحيث أن الرأس الواحدة وعشرون رأسا وذلك بتقدير السلامة وقد شوهد من أغنام الصعيد ما يلد فى السنة ثلاث مرات وتلد فى البطن الواحدة ثلاثة روءس ، وكانت الكثرة والغلبة ببلاد الصعيد ست قبائل ، وهى بنو هلال وبلى وجهينة وقريش ولواته وبنو كلاب وثعلبة ، وجذام ، ولذلك كان المسافر إذا مر بناحية الصعيد فلا يحتاج إلى نفقة كما تقدم.
ذكر الجنادل
وشىء من أخبار النوبة
قال عبد الله بن أحمد سليم الأسوانى فى كتاب أخبار النوبة أعلم أن أول بلد النوبة قرية تعرف بالأقصر من أسوان إليها خمسة [ق ١٦٧ أ] أميال وآخر حصين المسلمين جزيرة تعرف ببلاق بينها وبين قرية النوبة ميل ، وهو ساحل بلد النوبة ، ومن أسوان إلى هذا الموضع جنادل فى البحر لا تسلكها المراكب إلا بالحيلة ، لأن هناك جبال منقطعة وشعاب معترضة فى النيل ، ولا صباب فيها جزير عظيم وذوى نسمع من بعد ، وبهذه القرية مسلحة وباب إلى بلد النوبة ، ومنها إلى الجنادل الأول من بلد النوبة عشر مراحل وهى الناحية التى ينصرف فيها المسلمون ولهم فيما قرب منها أملاك ، وفيها جماعة من المسلمين لا يفصحون بالعربية وهى ناحية ضيقة شطفة كثير الجبال وشجرها النخيل والمقل وأعلاها أوسع من أدناها ، وفى أعلاها الكروم والنيل لا يروى مزارعها لأرتفاع أرضها فيرونها بالدواليب على أعناق البقر والقمح عندهم قليل والشعير عندهم أكثر ، ويزرعون فى الصيف السمسم واللوبيا والذرة وغير ذلك من الزرع ، ولها منيا تعرف يادوا ، وإليها ينسب إليها لقمان الحكيم وذو النون ، وبها عجائب كثيرة ، وفيها قلعتين وبها ملك يعرف بصاحب [ق ١٦٧ ب] الجبل وفيه العدل ، ومن يخرج إلى بلد النوبة من المسلمين ويهدى إليه شىء فيقبل هديته ويكافىء عليه بالرفيق وغيره.
وأول الجنادل من بلد النوبة قرية تعرف بتقوى هى الساحل وإليها ينتهى مراكب النوبة