ذكر القيس
أعلم أن القيس من البلاد التى تجاور مدينة البهنسا وكان يقال لقيس والبهنسا.
قال ابن عبد الحكيم : لما بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلي الصعيد ، فسار حتى أتى القيس فنزل بها فسميت به وهو الذى فتح هذه القرية فنسبت إليه قال [ق ١٧٧ ب] ابن الكندى ومنها تجلب الأكسية الصوف والمرغر وذكر بعض أهل مصر أن معاوية بن أبى سفيان لما كبر كان لا يدفا فأجمعوا على أنه لا بد فيه إلا أكسية تعمل بمصر من صوف المرعز العسلى الذى غير مصبوغ وذلك يعمل بالقيس من مصر ، فأرسل إلى عاملها يطلب من ذلك الأكسية ، فأرسلوا له منها عددا كثيرا فما احتاج منها إلا إلى واحدة.
وحكى أنه ظهر بها بالقرب من البهمنسا سرب فى الأرض وذلك فى أيام السلطان الملك الكامل محمد بن أبى بكر بن أيوب فأمر متولى البهنساوية بكشفه فجمع له أهل المعرفة بالعوم والغطس فإن ذلك السرب كان ممتلىء بالماء ولا يعلم له آخر فكانوا ذلك العوامين والغطاسين نحو من مائتى رجل ما فيهم إلا من نزل فى السرب فلم يجد له قرارا ولا جوانب فأمر بعمل مراكب رقاق بحيث أمكن إدخالها من رأس السرب وشحنها بالرجال ومعهم الزاد وركب فيها حيا لأمر بوطة فى خوازيق عند رأس السرب وعمل مع الرجال آلات يعرفون منها أوقات [ق ١٧٨ أ] الليل والنهار وجعل معهم شيئا من الشموع وغيرها مما يستخرج به النار وأمرهم أن يسلكوا بالمراكب في الظلمة وهم يرحون لهم الحبال ولا يجدون لما هم سائرون فيه من الماء جوانب فمازالوا على ذلك حتى قلت تلك الزوادة الذى كانت معهم فابطلوا حركة المراكب بالقماديف من داخل السرب وجروا تلك الحبال الذى فى الخوازيق ليرجعوا إلى حيث دخلوا حتى انتهوا إلى رأس السرب ، وكانت مدة غيبتهم فى داخل هذا السرب ستة أيام أربعة منها دخولا إلى جوفة وتطوفا جوانبه ويومان رجوعا إلى رأس ذلك السرب الألضبعاوي ولم يقفوا فى هذه المدة على نهاية ذلك كتب الأمير علاء الدين الألضبعوى والى البهنسا إلى الملك الكامل بشرح ذلك السرب فعند ذلك فتعجب من ذلك غايت العجب واشتغل عن ذلك بمحاربة الفرنج لما حاصروا ثغر دمياط فلما رحلوا عن ثغر دمياط ، وعاد الملك الكامل إلى القاهرة فخرج بعد ذلك حتى شاهد هذا [ق ١٧٨ ب] السرب المذكور رتعجب منه.