ذكر النيل وانبعاثه
أعلم أن البحر المحيط بالمعمور إذا خرج منه بحر الهند ، افترق قطعا كما تقدم ، وكان منه قطعة تسمى بحر الزنج وهي مما يلي بلاد اليمن وبحر بربر.
وفى هذه القطعة عدة جزائر منها جزيرة القمر بضم القاف وإسكان الميم ثم راء مهملة ويقال لهذه الجزيرة أيضا جزيرة ملاى وطولها أربعة أشهر في عرض عشرين يوما إلي أقل من ذلك. وهذه الجزيرة تحاذى جزيرة سرنديب وفيها عدة بلاد كثيرة منها قمرية ، وإليها نسب الطائر القمرى ، ويقال أن بهذه الجزيرة [ق ٥٣ أ] خشب منحت من الخشب ساق طوله ستون ذراعا بحذف علي ظهر مائة وستون رجلا ، وأن هذه الجزيرة ضاقت بأهلها فبنوا علي الساحل محلات يسكنونها في سطح جبل يعرف بهم ويقال جبل القمر.
وأعلم أن ذلك الجبال كلها متسعة من الجبل المستدير بغالب معمور الأرض وهو المسمي بجبل قاف وهو أم الجبال كلها متشعبة منه فتتصل فى موضع وتنقطع فى آخر ، وهو كالدائرة لا يعرف لها أول إذا كانت الحلقة مستديرة لا يعرف طرفاها ، وإن لم تكن استدارته كرية ، ولكنها استدارة أحاطة.
وزعم قوم أن أمهات الجبال جبلان : خرج أحدهما من البحر المحيط بالغرب وأخذ جنوبا ، وخرج الآخر من البحر الرومى وأخذ شمالا حتى تلاقيا عند السد ، وسموا الجنوبي قاف ، فيعرف بذلك في الجنوب ويعرف في الشمال بجبل قاقونا. ومبدأ هذا الجبل المحيط من كتف السد أخذ من وراء صنم الخط المسجوج إليه إلي شعبته الخارجة منه المعمول بها باب الصين أخذ على غزبي صين الصين ثم ينعطف علي جنوبه مستقيما [ق ٥٣ ب] في نهاية المشرق على جانب البحر المحيط مع الفرجة المنفرجة بينه وبين البحر الهندي الداخلة ، ثم ينقطع عند مخرج البحر الهندي المحيط مع خط الاستواء حيث الطول مائة وسبعون درجة ثم يتصل من شعبة البحر الهندى الماقى لشعبة المحيط الخارجة على بحر الظلمات من المشرق بجنوب كثيرة من وراء مخرج البحر الهندى في الجنوب ، ويبقى الظلمات بين هاتين الشعبتين شعبة المحيط الجائية على جنوب الظلمات شرقا ويخرج البحر الهندى الجائية علي الظلمات حتي تتلاقا الشعبتان عند مخرج هذا الجبل كتفصيل السراويل ثم ينفرج برأس البحرين المتلاقيان شعبتان علي مبدأ هذا الجبل ، ويبقى هذا الجبل بينهما كأنه خارج من نفس الماء.