تلك الصور ، فإذا صح ذلك فاعملوا لها أشباها من نحاس ورصاص وحجارة ، وانصبوها على شاطىء البحر ، فإن تلك الدواب إذا خرجت من البحر ورأت صورها هربت من ذلك المكان ، ولم تعد ففعلوا ذلك فلم تعد إليهم تلك الدواب ، وقيل كان من هذا الدواب ما هو على صورة الآدميين وما هو صورة الوحوش.
ذكر منار الإسكندرية
قال المسعودى رحمة الله عليه : أما مار الإسكندرية فذهب الأكثرون من المصريين [ق ١٥١ أ] والإسكندرانين ممن عنى بأخبار بلدهم أن الإسكندر بن فلبس المقدونى هو الذى بناها ومن هم من بقول أن دلوكة الملكة بنتها وجعلتها مرقبا لمن يرد من العدو إلى بلدهم ومن الناس من رأى بعض الفراعنة بمصر هو الذى بناها وذكروا فى ذلك أخبارا كثيرة وأنها كانت على كرسى من الزجاج على هيئة السرطان فى جوف البحر وعلى أعلاها تماثيل من النحاس فمنها تمثال يدور مع الشمس أين ما كانت من الفلك ومنها تمثال يشير بيده فى البحر إذا صار العدو منه على نحو من ليلة فيسمع لذلك التمثال صوت عال يسمع من مسيرة يومين فعلم أهل المدينة أن العدو قد دنا منهم فيستعدون لذلك وكان طول هذا المنار فى أول الزمان ألف ذراع والمرأة فى علوه والموكلون بها ينظرون فى كل ساعة من النهار فإذا نظروا إلى العدو نشروا أعلاما لمن يراها من بعد فيحذرو الناس لذلك فلا يكون للعدو عليهم سبيل ، وكان حول هذا المنار فى البحر مغاص يخرج منه قطع من أنفس الجواهر يتخذ منه [ق ١٥١ ب] فصوص للخواتم
ويقال أن ذلك من الأوانى الذى أتخذها الإسكندر للشراب. فلما مات كسرتها أمه ورمتها فى البحر ويقال أن هذا المنار إنما جعلت المرآة فى أغلاه لأن ملوك الروم بعد الإسكندر كانت تحارب ملوك مصر فجعل من كان بالإسكندرية من الملوك تلك المرآة يرى من يرد فى البحر من عدوهم وكان من يدخلها يتيه فيها لكثرة بيوتها وطبقاتها وممارقها ، وقيل أن جماعة من المغاربة حين قدموا فى خلافة المقتدر بالله صاحب المشرق (١) دخل منهم جماعة إلى المنار فتاهوا فيها
__________________
(١) وردت فى الأصل المغرب.