وقيل لهم أن هذه المدينة الخضراء من مدن بني إسرائيل ، ولها طوفان رمل يزيد تارة وينقص أخرى ، لا يراها إلا تائه والله أعلم.
ذكر مدينة دمياط
[ق ١٨٢ ب]
أعلم أن دمياط كورة من كور أرض مصر بينها وبين تنيس أثنا عشر فرسخا. ويقال سميت بدمياط من ولد أشمن بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام.
وقال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه : دمياط بلد قديم بنى فى زمن قليمون بن أتريب بن قبطيم بن مصرايم على اسم غلام كانت أمه ساحرة لقليمون. ولما قدم المسلمون إلى أرض مصر ، كان على دمياط رجل من أخوال المقوقس يقال له الهماموك أصحابه واستشارهم فى هذا الأمر وكان فيهم حكيما حاضرا معهم فقال أيها الملك أعلم أن جوهر العقل لا قيمة له وما استغنى به أحدا ليهديه إلى سبيل النجاة وأنت تعلم أن هؤلاء من بد وأمرهم ، لم تكسر لهم راية وقد فتحوا البلاد وزذلوا العباد وما لأحد عليهم قدرة ولسنا أشد من جيوش الشام ولا غيرهم أن القوم قد أيدوا بالنصر والظفر والرأى أن يعقد مع القوم صلحا تنال به الأمن وحقن الدماء وصيانة الحرم ، فلم يعبأ الهاموك بقوله وغضب منه وأمر بقتله / [ق ١٨٣ أ] وكان له ابن عارف عاقل ، وله دار ملاصقة لسور البلد فخرج إلى المسلمين فى الليل ودلهم على مسالك البلد ، فاستولى عليها المسلمون وتمكنوا منها فلم يشعر الهاموك إلا والمسلمون فى وسط المدينة وقد ملكوها ، فعند ما رأى شطا بن الهاموك ذلك الحق بالمسلمين ومن معه من أصحابه وطلب الأمان من المقداد بن الأسود (١) وتسلموا المسلمون دمياط واستخلف عليها المقداد ابن الأسود وسير [ق ١٨٣ ب] بخبر الفتح إلى عمرو بن العاص ، وخرج شطا بن الهاموك إلى ناحية البرلس والدميرة وأشموم طناح أهل تلك النواحى وقدم بهم عونا للمسلمين ، وكان شطا بن الهاموك لما فتح المقداد بن الأسود دمياط ونزل إليه أسلم على يد المقداد بن الأسود وحسن إسلامه.
__________________
(١) إضافة من تهذيب التهذيب.