أحس التمساح بذلك الطائر قبض فاه على ذلك الطائر ، فيضربه الطائر بتلك الأبرتين في سقف حلقه فيفتح ، فيطير ذلك الطائر من جوفه ، وتكون تلك الدويبة المقدم ذكرها قد كمنت له فى الرمل ، فتدخل فى جوفه فيخبط التمساح [ق ٩١ أ] بنفسه على الأرض ويطلب البحر فلا تزال عليه حتى تحزق جوفه ، وتخرج منه وربما قتل نفسه قبل أن تخرج من جوفه ، وتخرج بعد موته ، وهذه الدويبة نحو الذراع على صورة ابن عرس ، ذات قوائم شتى ومخالب.
ويقال أنه كان بجبال فسطاط مصر طلسم معمول برسم التمساح لا يستطيع الحركة عنده ، بل كان إذا قرب منه انقلب واستلقى على ظهره ، فيبعثون الصبيان به إلى أن يجاوز ذلك الطلسم ثم يعود إلى حاله أو يموت ، وهذا الطلسم كسر فبطل فعله. ويقال أن التمساح يبيض كبيض الأوز ، وربما تولد منه جرادين صغار ، ثم تكبر حتى تبلغ طولها عشرج أشبا ، والتمساح بجامع انتاتيه ستين مرة فى حركة واحدة ومحل واحد ، والله أعلم.
ذكر طرف يسيرة من تقدمه المعرفة
بحال النيل فى كل سنة
قال ابن رضوان (١) فى شرح الأربع وقد يحتاج أمر النيل إلى شروط [ق ٩١ ب] منها : أن تكون الأمطار متوالية فى نواحى الجنوب قبل مدة وفى وقت مدة ، ولذلك وجب أن يكون النيل متى كانت الزهرة وعطارد مقرنين فى مدخل الصيف ، كثرة الزيادة لرطوبة الهواء ومتى كان المريخ أو بعض المنازل فى ناحية الجنوب فى مدخل الربيع أو الصيف ، كانت الأمطار قليلة فى تلك الناحية ، ومنها أن تكون الريح شمالية لتوقف جريه ، فأما الجنوبية فأنها تسرع إنحداره ولا تدعه يلبث ، فإذا علمت ما يكون فى ناحية الجنوب من كثرة الأمطار أو قلتها ، وفى ناحية مصر من هبوب الرياح فى فصلى الربيع والصيف فقد علمت بحال النيل كيف تكون فى تلك السنة بمصر من الخصب والجدب.
__________________
(١) هو محمد بن رضوان بن محمد بن أحمد أبو يحيى النميرى الوادى ، صاحب شجرة فى أنساب العرب مات سنة ٦٥٧ ه / ١٢٥٩ م.