ثم يعود إلى الماء ، فإذا شرب منه ربا الترمس فى جوفه فينتفخ ويموت ، ويطفوا على الماء والموضع الذى يرى به لا يرى به تمساح.
وقال المسبحى : أن السمك المعروف بالبلطى أول ما عرف بنيل مصر فى أيام الخليفة لعزيز بالله نزار بن المعز لدين الله ، ولم يكن يعرف قبله فى النيل ، وظهر [ق ٩٠ أ] فى أيامه أيضا سمك يعرف باللبيس ، وإنما سمى باللبيس أنه يشبه البورى الذى بالبحر المالح ، فاللبيس به ، وغالب الظن أنها من أسماك البحر المالح دخلت فى الحلو.
ومن عجائب النيل التمساح : قال ابن البيطار (١) : التمساح حيوان معروف يكون فى الأنهار الكبار ، وفي النيل منه شىء كبير ويوجد فى نهر مهران بأرض الهند.
قال ابن زهران (٢) : كل حيوان يحرك فكه الأسفل إذا أكل ما خلا التمساح ، فأنه يحرك فكه الأعلى دون الأسفل. وشحم التمساح إذا عجن بالسمن ، وجعل منه فتيلة وأسرحت فى نهر أو بركة لم تنطق ضفادعها مادامت تقد ، وإذا طيف بجلد التمساح حول قرية ، ثم علق فيها لم يقع البرد فى تلك القرية مادام بها ، وإذا عض التمساح إنسانا ووضع على العضة شيئا من شحمه برأ من ساعته ، وإن لطخت بشحمه جبهته كبش نطاح ، نفر منه كل كبش يناطحه ويهرب منه. وإذا تبحر بكبده المجنون [ق ٩٠ ب] برىء وإذا أقلعت عينه وهو حى ، وعلقت على من به جذام أوقفه ، ولم يرد عليه وشحمه إذا جعلت معه دهن ورد نفع من به وجع الصلب والكليتين ، وزاد فى الباه. وإذا دهن به من صمم برىء ، وإذا أدهن به صاحب حمى الربع سكنت عنه وله منافع كثيرة لا تحصى نفعها.
قال المسعودى : وللتمساح آفة تسمى دويبة تكون فى سواحل النيل وجزائره ، وهو أن التمساح مثل الجراب لا دبر له ، وما يأكله يتكون فى بطنه ، فيربى فى بطنه دودا فإذا آذاه ذلك خرج إلى البر فاستلقى على قفاه فاغرا فاه فينقض إليه طائر من الماء ، وقد اعتاد منه بذلك فيأكل ما يظهر من جوفه من ذلك الدود العظيم ، وكذلك الطائر ابرتين من العظم فى ظهره ، فإذا
__________________
(١) هو عبد الله بن أحمد المالقى أبو محمد ضياء الدين المعروف بابن البيطار إمام البنايتين وعلماء الأعشاب ، ولد فى مالقة وتعلم الطب ، ورحل إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم ، صاحب كتاب الأدوية المفردة والمغنى فى الأدوية المفردة ، ولد سنة ٦٤٦ ه ، ومات سنة ١٢٤٨ ه.
(٢) له ذكر فى الخطط للمقريزى.