المصعدة من الأقصر وهى أول بلدهم ولا يتجاوزها أحد من المسلمين ولا من غيرهم إلا بإذن من صاحب الجبل ومعاملتهم إلى دون الجنادل مع المسلمين بالدراهم والدنانير وما فوق ذلك فلا بيع بينهم ولا شرا ، وإنما هى معارضة بالرقيق والمواشى والجمال والحديد والحبوب ولا يطلقوا لأحد أن يتجاوز أرضهم إلا بإذن الملك صاحب الجبل ومن خالف ذلك كان جزاؤه القتل كاينا من كان من الناس وبهذا الأحتياط نيلته أخبارهم عن سائر الناس من الملوك وغيرهم.
وقيل أن حجر السنبادج الذى يحرط به الجوهر والبلخفش وغيره يوجد عندهم فى مواضع بأعلى النيل يغطسون عليه وأنه يشتبه عليهم مع الحجارة فيعرفونه بخسه باردا مخالفا للحجارة. ومن هذه القرية قرية تعرف بساى وهى جنادل انصنا وهى كرسى مملكتهم [ق ١٦٨ أ] ولهم فيها أسقف وبرابى وهى سبع ولايات وفيها النحل والكروم والزيتون والقطن وغير ذلك من الزروع ، وفيها قلعة تعرف باصطون وهى أول الجنادل الثالثة وهى أشد الجنادل صعوبة لأن فيها جبلا معترضا من الشرق إلى الغرب فى وسط النيل والماء ينصب منه من ثلاثة أبواب وما أخسر هناك الماء فيسمع له جزير عظيم عجيب المنظر لينحدر الماء من علو الجبل ، فبالت ذلك حجارة مفروشة فى وسط النيل على نحو ثلاثة ابراد وآخر ذلك قرية تعرف يستو وهى آخر قرى مريسى وهو آخر عمل النوبة صاحب الجبل وتليها قرية تعرف بقون وما يرى أوسع من النيل هناك فإنه مسيرة خمس مراحل وفيه الجزائر والأنهار تجرى بينها ، وفى تلك الجزاير عمائر حسنة وفيها المواشى والأنعام وهى كثيرة الطير والسمك وأكثر نزهة ملك النوبة صاحب الجبل فى هذه الجزاير.
وقال من رأى ذلك المكان أنه كثير الأشجار من الجانبين فيه خليجان ضيقة أكثرها بخاص وأن التمساح لا يضر [ق ١٦٨ ب] هناك وأن بيوتهم يسقفونها بخشب الساج الذى يأتى به النيل فى وقت الزيادة اسقالات لا يدرى من أين يأتى به ، وبين دنقلة إلى أول بلاد علوه أكثر مما بينها وبين أسوان وفيها القرى والضياع والجزاير والمواشى والنحل والشجر والزروع والكروم أضعاف ما فى الجانب الذى يلى أرض الإسلام.
ومن هذه المواضع طرق إلى سواكن وغيرها من البلاد وقد عبر فى ذلك الأماكن من نجا من بنى أمية عند هروبهم من القتل خوفا على أنفسهم وأقاموا هناك وصاروا من حملة أهلها.