ولهم سرعة فى الجرى ويصنعون عندهم السم ، وهذا السم يعمل من عروق [ق ١٧٢ أ] شجر الفلقة يطبخ على النار حتى يصير مثل الغرا فإذا أرادوا تجربته شرط أحدهم جسده حتى يسيل الدم ثم يشممه من ذلك السم ، فإذا ترجع الدم علموا أنه حيد فيمسحوا الدم بسرعة ليلا يسرى في جسده فيقتله وأن يسرى في جسده قنله في وقته وليس له تجربة غير ذلك ، وبلادهم كثيرة المعادن من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد وحجر المغنايسط والزمرد وحجارة إذا بليتها بريت تقد مثل الفتيلة وفى أوديتهم شجر الأهليلج والأدخر والشيح والسنا وشجر اللبان وغير ذلك من الأشجار. وبها سائر الوحوش من السباع والفيلة والنمور والفهود والقرود ودابة الزباد وبها دابة تشبه الغزال حسنة المنظر لها قرنان مثل لون الذهب قليلة البقاء إذا صيدت وبها من الطيور الدرة والقمارى ودجاج الحبش والحمام النازينى وغير ذلك من أصناف متعددة ، وليس منهم رجل إلا وهو منزوع البيضة اليمين. وأما النساء فمقطوع أشفار فروجهن وأنه يلتحم حتى تشق عنه للمتزوج بمقدار ذكر الرجل والسبب في ذلك أن ملكا من الملوك حاربهم قديما [ق ١٧٢ ب] ثم صالحهم وشرط عليهم قطع ثدى ممن يولد لهم من النساء وقطع ذكور ممن يولد ممن لهم من الرجال أراد بذلك قطع نسلهم فوفوا له بالشرط وقبلوا المعنى فصاروا يقطعوا بيضة للرجل والفروج للنساء ، وفيهم جنس يقلعون ثناياهم ويقولون لا نتشبه بالحمير ، وفيهم جنس فى آخر بلاد البجة يقال لهم البازة يسمون نسائهم باسم واحد ، وكذلك ، رجالهم.
ويقال أن طرفهم فى بعض الأوقات رجل من المسلمين حسن المنظر فدعا بعضهم بعضا وقالوا ربنا قد نزل من السماء وهو جالس تحت هذه الشجرة فجعلوا ينطوون إليه من بعد ويعظمونه.
ومن العجائب عندهم أن الحياة تخرج من الغدير وتلف ذنبها على البقرة فتقتلها وعندهم حياة ليس لها رأس ولا ذنب وهي سواء إذا مشى الإنسان على أثرها مات ، وإذا قتلت وأمسك لقاتل ما قتلها به من عوذ أوحر به فى يده ولم يلقيها من يده بسرعة مات من وقته.