غيرها أسرجوه أهل مصر من المشاعل والشمع وقد حضر بشاطىء النيل فى تلك الليلة من الناس ما بين مسلمين ونصارى فى الزواريق ما لا يحصى عددهم ولا يحضر [ق ٢١٩ أ] غير الذى فى الدور على النيل والذى على الشطوط لا يتناكرون فى كل ما يمكنهم أظهاره من المآكل والمشارب والملابس من الذهب والجوهر وغير ذلك وأظهار الملاهى والخمور والقصف واللهو وهى أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها شرورا وكان لا يقلق فى تلك الليلة ، وكان أكثر الناس يغطسوا فى النيل ويزعمون أن من فعل فى تلك الليلة ذلك يأمن من المرض فى تلك السنة.
وقال المسبحى فى تاريخه : ولما كانت سنة سبع وستين وثلاثمائة منعوا النصارى من اظهار ما كانوا يفعلوا فى ليلة الغطاس من الاجتماع وكثرت الملاهى وإظهار المحرمات ونودى أن من فعل شيئا من ذلك شنق فلم يغطس فى تلك الليلة أحد منهم فى البحر وبطل هذا الأمر إلى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ثم تجدد أمر الغطاس على ما كان فى الأول وضربت الخيام فى عدة مواضع على شاطىء النيل ونصبت أسرة للرؤساء من القبط وحضر فهد بن إبراهيم [ق ٢١٩ ب] النصرانى كاتب برجوان وأوقدت له الشموع والمشاعل وحضر معه جماعة من القبط كلهم وغطسوا.
قال : وفى حوادث سنة خمسة عشر وأربعمائة كان الغطاس بمصر ، ونزل أمير المؤمنين الظاهر لدين الله إلى قصر جده العزيز على شاطىء النيل لينظر ليلة الغطاس ومعه الحريم ونودى ألا تختلط المسلمون مع النصارى عند نزولهم فى البحر وقت الغطاس وضربت الخيام متولى الشطين وجلس فيها أمير المؤمنين وأوقدت فى تلك الليلة من الشموع والمشاعل شىء كثير.
وكانت من أعجب الليالى بمصر وحضر سائر الناس من المسلمين والنصارى والرهبان وغيرهم وغطسوا جميعا وكان يفرق فى تلك اليوم مما جرت به العادة من القبط الأترح والنارنج والليمون المراكبى وأطناب القصب والبورى والحلوى القاهرية والفواكه الشامية وغير ذلك وعيد الختان يعمل فى سادس شهر [ق ٢٢٠ أ] بؤنة ويزعمون أن المسيح تختن فى مثل هذا اليوم فصاروا يختنون فيه أولادهم تبركا ، وعيد الأربعون وهو عندهم دخول المسيح إلى الهيكل وبارك عليهم ويعمل هذا العيد فى ثامن شهر أمشير وخميس العهد وهو يعمل قبل عيد الفسح بثلاثة أيام وسنتهم فيه أن يملؤا أناء من ماء زمرمون عليه ، ثم يغسل للتبرك به أرجل سائر النصارى. ويزعمون أن المسيح فعل هذا بتلامذته في مثل هذا اليوم كى يعلمهم التواضع ، ثم أخذ عليهم العهد أن لا يتفرقوا وأن يتواضع بعضهم لبعض وقد صاروا