وعمل بالأسكندرية [أيضا] صورة راهب جالس علي قاعدة وعلي رأسه صفة برنس ، وفي يده عكاز فإذا مر به تاجر جعل بين يديه شيئا من المال على قدر بضاعته ، فإن تجاوزه ولو يمن بعد من غير أن يضع بين يديه المال ، لم يقدر علي الجواز وثبت قائما مكانه ، فكان يجتمع من ذلك مال عظيم يفرق للفقراء والمساكين وعمل في زمنه كل أعجوبة ظريفة ، وعمل لنفسه ناووسا في داخل أرض الغرب عند جبل يقال له سدام وعمل تحته أزجا طوله مائة ذراع ، وأرتفاعه ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا بالمرمر والزجاج الملون وسقفه بالحجارة وعمل دار به مساطب من زجاج علي كل مسطبة أعجوبة ، وفي وسط الأرج دكة من زجاج علي كل ركن من أركانها صورة تمنع من الدنو إليها [ق ٣٩ ب] وبين كل صورتين منارة عليها حجر يضىء ، وفى وسط الدكة حوض من ذهب فيه جسده بعد ما ضمد بالأدوية الماسكة ، ونقل إليه ذخائره من الذهب والجواهر وغيره ، وسد باب الأزج بالصخور والرصاص ، وهيل عليها الرمال.
وكان ملكه ثلاثا وسبعين سنة ، وعاش مائتين وأربعون سنة وملك ولده من بعده ايساد فعمل مرآة في مدينة منف تري الأوقاف التي تخصب فيها مصر وتجدب ، وبنى بداخل الواحات مدينة ، ونصب قرب البحر أعلاها كثيرة.
وعمل خلف المقطم صنما يقال له صنم الحيلة ، فكان كل من تعذر عليه أمر يأتيه ويبخر فيتسر ذلك الأمر له. وجعل بحافة البحر المالح منارا يعلم منه أمر البحر وما يحدث فيه ، من أقصي ما يصل إليه البصر علي مسيرة أيام ، وهو أول من أتخذها ويقال أنه بني أكثر مدينة منف.
ولما تدارس (١) بن صا الأحياز كلها بعد أبيه ، وصفا له ملك مصر ، بني في غربي مدينة منف بيتا عظيما من كوكب الزهرة ، وأقام فيه أصناما عظيمة من لاروزد مذهب وسورها بسوارين من زبرجد أخضر [ق ٤٠ أ]. فمنها صنم في صورة امرأة لها ضفيرتان من ذهب أسود مدبر ، وفى رجليها خلخالات من حجر أحمر شفاق ونعلان من ذهب وبيدها قضيب مرجان وهي تشير بسباتها كأنها تسلم على من في الهيكل.
وجعل حداها تمثال بقرة ذات قرنين وضرعين من نحاس أحمر مملوء بذهب ، وفرش الهيكل بحشيشة الزهرة يبدلونها فى كل سبعة أيام.
__________________
(١) ورد عند المقريزى (بدراس).