فيسمعون منه ، ورتب ناظرا في أوقاف المارستاني العضدي ، فلم تحمد (١) سيرته فقبض عليه وسجن في المارستان مدة مع المجانين مسلسلا ، وبيعت دار العلم بما فيها من الكتب مع سائر أمواله وقبضت ، وبقي معتقلا مدة ثم أطلق فصار يطبب الناس ويدور على المرضى في منازلهم ، وصادف قبولا في ذلك فأثرى وعاد إلى حالة حسنة ، وحصل كتبا كثيرة ، ثم إنه ندب للتوجه في رسالة من الديوان فخلع عليه خلعة سوداء قميص وعمامة وطرحة ، وأعطى سيفا وأركب مركبا جميلا ، وتوجه إلى تفليس في صفر سنة تسع وتسعين إلى الأمير أبي بكر المذكر بن البهلوان زعيم تلك البلاد فأدركه أجله هناك.
وكان أديبا فاضلا فصيحا مليح العبارة بليغا حسن التصنيف ، وقد حدث بكثير مما اختلقه وعن جماعة لم يلقهم ، سمع منه الغرباء ومن لا يعرف طريقة الحديث ، ورأيته كثيرا ولم أكتب عنه شيئا.
وقد نقلت في هذا الكتاب من خطه وقوله وروايته أشياء العهدة عليه في صحتها ، فإني لا أطمئن إلى صحتها ولا أشهد بحقيقة بطلانها ـ والله أعلم بالصحيح.
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن معمر بن عبد الواحد بن الفاخر القرشي ونقلته من خطه قال : أنشدني أبو بكر عبيد الله بن علي بن نصر بن حمرة التيمي لنفسه :
أفردتني بالهموم |
|
ذات ذل ونعيم |
أودعت قلبي سقاما |
|
[و] (٢) الحشا نار الجحيم |
ليس لي شغل سواها |
|
من خليل وحميم |
هي داء للمعافى |
|
ودواء للسقيم |
شغلت قلبي بأمر |
|
مقعد فيها مقيم |
سمعت أبا الحسين (٣) بن القطيعي يقول : سمعت أبا الفرج بن الجوزي يقول : قال لي أبو بكر ابن المارستانية : مولدي في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
__________________
(١) في (ب) : «فلم نجد».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، (ب).
(٣) في (ج) : «الحسن».