من أهل باب الأزج ، سمع الحديث الكثير بنفسه ، وقرأ على المشايخ في صباه إلى أن شاخ ، وحصل الأصول الكثيرة ، وكتب بخطه واستكتب بخط غيره ، وبالغ في ذلك واجتهد من غير فهم ولا معرفة ، وكان خطه في غاية الرداءة ، ثم إنه فتر وتزهد في ذلك وباع أصوله واشتغل بما لا يليق بأهل الدين ، ثم رجع في آخر عمره وعلو سنه إلى سماع الحديث وسلوك طريق الستر (١) وبذل شيئا من المال حتى شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله (٢) بن الحسين الدامغاني في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وستمائة فقبل شهادته ، وكان سيئ الطريقة في شهادته ، يشهد بالزور بحطام يسير يتناوله ، ولم يكن محمود الطريقة في الحديث ولا مأمونا ـ عفا الله عنا وعنه.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبا الحسن عبد الحق بن عبد الباقي (٣) ابن يوسف وأبا عبد الله بن منصور بن هبة الله بن منصور الموصلي وأبا أحمد الأسعد ابن يلدرك الجبريلي وشهدة بنت أحمد الإبري وجماعة غيرهم من أصحاب ابن بيان وابن نبهان وابن النّرسيّ وابن يوسف ، وأكثر عن أصحاب ابن الحصين وابني البنا وابن كادش والأنصاري ، وسمع معنا من جماعة من الشيوخ ، كتبت عنه شيئا يسيرا.
أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن المبارك ابن السيي بقراءتي عليه في منزلنا قال : أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد ، حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الملك بن محمد ابن يوسف إملاء قال : قرأت على أبي محمد الحسن بن محمد الخلال قلت له : حدثكم أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين إملاء ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثني عمي عبد الله بن وهب عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «السلطان ظل الله في الأرض ، يأوى إليه الضعيف ، وبه ينتصر المظلوم ، ومن أكرم سلطان الله عزوجل في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة» (٤).
سألت أبا القاسم ابن السيبي عن مولده فقال : في جمادى الأولى سنة خمسين
__________________
(١) في الأصل ، (ب) : «طريق السير».
(٢) في (ج) : «عبيد الله».
(٣) في (ب) ، (ج) : «عبد الخالق».
(٤) انظر الحديث في : الترغيب والترهيب ٣ / ١٦٩. ومجمع الزوائد ٤ / ٩٦. والأحاديث الضعيفة ٦٠٤ ، ٤٧٥.