هود. واقترانه ب (قَدْ) للدّلالة على تقريب زمن الماضي من الحال : مثل قد قامت الصّلاة.
وتقديم : (عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) على فاعل الفعل للاهتمام بتعجيل ذكر المغضوب والغاضب ، إيقاظا لبصائرهم لعلّهم يبادرون بالتّوبة ، ولأنّ المجرورين متعلّقان بالفعل فناسب إيلاؤهما إياه ، ولو ذكرا بعد الفاعل لتوهّم أنّهما صفتان له ، وقدم المجرور الذي هو ضميرهم ، على الذي هو وصف ربّهم لأنّهم المقصود الأوّل بالفعل.
ولمّا قدّم إنذارهم بغضب الله عاد إلى الاحتجاج عليهم بفساد معتقدهم فأنكر عليهم أن يجادلوا في شأن أصنامهم. والمجادلة : المحاجة.
وعبّر عن الأصنام بأنّها أسماء ، أي هي مجرّد أسماء ليست لها الحقائق التي اعتقدوها ووضعوا لها الأسماء لأجل استحضارها ، فبذلك كانت تلك الأسماء الموضوعة مجرّد ألفاظ ، لانتفاء الحقائق التي وضعوا الأسماء لأجلها. فإنّ الأسماء توضع للمسمّيات المقصودة من التّسمية ، وهم إنّما وضعوا لها الأسماء واهتمّوا بها باعتبار كون الإلهيّة جزءا من المسمّى الموضوع له الاسم ، وهو الدّاعي إلى التّسمية ، فمعاني الإلهية وما يتبعها ملاحظة لمن وضع تلك الأسماء ، فلمّا كانت المعاني المقصودة من تلك الأسماء منتفية كانت الأسماء لا مسمّيات لها بذلك الاعتبار ، سواء في ذلك ما كان منها له ذوات وأجسام كالتّماثيل والأنصاب ، وما لم تكن له ذات ، فلعلّ بعض آلهة عاد كان مجرّد اسم يذكرونه بالإلهيّة ولا يجعلون له تمثالا ولا نصبا ، مثل ما كانت العزى عند العرب ، فقد قيل : إنهم جعلوا لها بيتا ولم يجعلوا لها نصبا وقد قال الله تعالى في ذلك : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) [النجم : ٢٣].
وذكر أهل الأخبار أنّ عادا اتّخذوا أصناما ثلاثة وهي (صمود) ـ بفتح الصّاد المهملة بوزن زبور. وصداء ـ بضمّ الصّاد المهملة مضبوطا بخط الهمذاني محشي «الكشاف» في نسخة من حاشيته المسمّاة «توضيح المشكلات» ومنسوخة بخطّه ، وبدال مهملة بعدها ألف ولم أقف على ضبط الدّال بالتّشديد أو بالتّخفيف : وقد رأيت في نسخة من «الكشاف» مخطوطة موضوعا على الدّال علامة شدّ ، ولست على تمام الثّقة بصحّة النّسخة ، وبعد الألف همزة كما هو في نسخ «الكشاف» و «تفسير البغوي» ، وكذلك هو في أبيات موضوعة في قصّة قوم عاد في كتب القصص. ووقع في نسخة «تفسير ابن عطيّة» وفي «مروج الذّهب» للمسعودي ، وفي نسخه من شرح ابن بدرون على قصيدة ابن عبدون