إياهم. وللتّنبيه على أنّ الذين آمنوا بما جاءهم به صالح عليهالسلام هم ضعفاء قومه.
واختيار طريق الموصولية في وصفهم ووصف الآخرين بالذين استضعفوا لما تومئ إليه الصّلة من وجه صدور هذا الكلام منهم ، أي أن استكبارهم هو صارفهم عن طاعة نبيئهم ، وأنّ احتقارهم المؤمنين هو الذي لم يسغ عندهم سبقهم إياهم إلى الخير والهدى ، كما حكى عن قوم نوح قولهم : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) [هود : ٢٧] وكما حكى عن كفّار قريش بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) [الأحقاف : ١١] ، ولهذا لم يوصفوا بالكفر كما وصف به قوم هود.
والذين استضعفوا هم عامّة النّاس الذين أذلّهم عظماؤهم واستعبدوهم لأنّ زعامة الذين استكبروا كانت قائمة على السّيادة الدّنيوية الخلية عن خلال الفضيلة ، من العدل والرأفة وحبّ الإصلاح ، فلذلك وصف الملأ بالّذين استكبروا ، وأطلق على العامة وصف الذين استضعفوا.
واللّام في قوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) لتعدية فعل القول.
وقوله : (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) بدل من (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) بإعادة حرف الجرّ الذي جرّ بمثله المبدل منه.
والاستفهام في (أَتَعْلَمُونَ) للتشكيك والإنكار ، أي : ما نظنّكم آمنتم بصالحعليهالسلام عن علم بصدقه ، ولكنّكم اتّبعتموه عن عمى وضلال غير موقنين ، كما قال قوم نوح عليهالسلام : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) [هود : ٢٧] وفي ذلك شوب من الاستهزاء.
وقد جيء في جواب (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) بالجملة الاسميّة للدّلالة على أنّ الإيمان متمكّن منهم بمزيد الثّبات ، فلم يتركوا للذين استكبروا مطمعا في تشكيكهم ، بله صرفهم عن الإيمان برسولهم.
وأكّد الخبر بحرف (إنّ) لإزالة ما توهّموه من شكّ الذين استكبروا في صحّة إيمانهم ، والعدول في حكاية جواب الذين استضعفوا عن أن يكون بنعم إلى أن يكون بالموصول صلته لأن الصلة تتضمن إدماجا بتصديقهم بما جاء به صالح من نحو التوحيد وإثبات البعث ، والدلالة على تمكنهم من الإيمان بذلك كله بما تفيده الجملة الاسمية من