عليهالسلام ، ويجوز أن تكون كلمة (كلّ) مستعملة في الكثرة كما تقدّم.
والباء للإلصاق ، أو هي بمعنى (في) كشأنها إذا دخلت على أسماء المنازل. كقول امرئ القيس :
بسقط اللّوى البيت.
وجملة : (تُوعِدُونَ) حال من ضمير (تَقْعُدُوا) والإيعاد : الوعد بالشرّ. والمقصود من الإيعاد الصدّ ، فيكون عطف جملة (وَتَصُدُّونَ) عطف علّة على معلول ، أو أريد توعدون المصمّمين على اتّباع الإيمان ، وتصدّون الذين لم يصمّموا فهو عطف عام على خاص.
و (مَنْ آمَنَ) يتنازعه كل من (تُوعِدُونَ) وتصدّون.
والتّعبير بالماضي في قوله : (مَنْ آمَنَ بِهِ) عوضا عن المضارع ، حيث المراد بمن آمن قاصد الإيمان ، فالتعبير عنه بالماضي لتحقيق عزم القاصد على الإيمان فهو لو لا أنّهم يصدّونه لكان قد آمن.
و (سَبِيلِ اللهِ) الدّين لأنّه مثل الطريق الموصل إلى الله ، أي إلى القرب من مرضاته.
ومعنى (تَبْغُونَها عِوَجاً) تبغون لسبيل الله عوجا إذ كانوا يزعمون أن ما يدعو إليه شعيب باطل ، يقال : بغاه بمعنى طلب له ، فأصله بغى له فحذفوا حرف الجر لكثرة الاستعمال أو لتضمين بغى معنى أعطى.
والعوج ـ بكسر العين ـ عدم الاستقامة في المعاني ، وبفتح العين : عدم استقامة الذات ، والمعنى : تحاولون أن تصفوا دعوة شعيب المستقيمة بأنها باطل وضلال ، كمن يحاول اعوجاج عود مستقيم. وتقدم نظير هذا في هذه السورة في ذكر نداء أصحاب الجنة أصحاب النار.
وإنما أخّر النهي عن الصد عن سبيل الله ، بعد جملة (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ولم يجعله في نسق الأوامر والنواهي الماضية ثم يعقبه بقوله : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) لأنّه رتّب الكلام على الابتداء بالدعوة إلى التوحيد ، ثم إلى الأعمال الصالحة لمناسبة أن الجميع فيه صلاح المخاطبين ، فاعقبها ببيان أنها خير لهم إن كانوا مؤمنين فاعاد تنبيههم