إِلَيْهِمْ) [الأعراف : ٦] وما عطف عليه بالواو وبالفاء ، والتّقدير : يوم إذ نسألهم ونسأل رسلهم ونقص ذنوبهم عليهم.
والوزن حقيقته معادلة جسم بآخر لمعرفة ثقل أحد الجسمين أو كليهما في تعادلهما أو تفاوتهما في المقدار ، وإذ قد كان تساوي الجسمين الموزونين نادر الحصول تعيّن جعلت أجسام أخرى يعرف بها مقدار التّفاوت ، فلا بد من آلة توضع فيها الأشياء ، وتسمّى الميزان ولها أشكال مختلفة شكلا واتساعا.
والأجسام التي تجعل لتعيين المقادير تسمّى موازين ، واحدها ميزان أيضا وتسمّى أوزانا واحدها وزن ، ويطلق الوزن على معرفة مقدار حال في فضل ونحوه قال تعالى : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥] وفي حديث أبي هريرة ، في «الصّحيحين» : «إنّه ليؤتى بالعظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة». ويستعار استعارة تمثيلية للتدبير في أحوال ، كقول الراعي :
وزنت أميّة أمرها فدعت له |
|
من لم يكن غمرا ولا مجهولا |
فالوزن في هذه الآية يراد به تعيين مقادير ما تستحقّه الأعمال من الثّواب والعقاب تعيينا لا إجحاف فيه ، كتعيين الميزان على حسب ما عيّن الله من ثواب أو عقاب على الأعمال ، وذلك ممّا يعلمه الله تعالى : ككون العمل الصّالح لله وكونه رياء ، وككون الجهاد لإعلاء كلمة الله أو كونه لمجرّد الطمع في الغنيمة ، فيكون الجزاء على قدر العمل ، فالوزن استعارة ، ويجوز أن يراد به الحقيقة فقد قيل توضع الصحائف التي كتبتها الملائكة للأعمال في شيء خلقه الله ليجعله الله يوم القيامة ، ينطق أو يتكيّف بكيفيّة فيدلّ على مقادير الأعمال لأربابها ، وذلك ممكن ، وقد وردت أخبار في صفة هذا الميزان لم يصحّ شيء منها.
والعبارات في مثل هذا المقام قاصرة عن وصف الواقعات ، لأنّها من خوارق المتعارف ، فلا تعدو العبارات فيها تقريب الحقائق وتمثيلها بأقصى ما تعارفه أهل اللّغة ، فما جاء منها بصيغة المصدر غير متعلّق بفعل يقتضي آلة فحمله على المجاز المشهور كقوله تعالى : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥]. وما جاء منها على صيغة الأسماء فهو محتمل مثل ما هنا لقوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) إلخ ومثل قول النّبيءصلىاللهعليهوسلم : «كلمتان خفيفتان على اللّسان ثقيلتان في الميزان» وما تعلّق بفعل مقتض آلة فحمله على التمثيل أو على مخلوق من أمور الآخرة مثل قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ)