ليعم كل ما تحويه السماوات والأرض مما يقع عملية عملية الثقل بمعنى الشدة.
وجملة : (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) مستأنفة جاءت تكملة للإخبار عن وقت حلول الساعة ، لأن الإتيان بغتة يحقق مضمون الإخبار عن وقتها بأنه غير معلوم إلّا لله ، وبأن الله غير مظهره لأحد ، فدل قوله : (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) على أن انتفاء إظهار وقتها انتفاء متوغل في نوعه بحيث لا يحصل العلم لأحد بحلولها بالكنه ولا بالإجمال ، وأما ما ذكر لها من أمارات في حديث سؤال جبريل عن أماراتها فلا ينافي إتيانها بغتة ، لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها.
و «البغتة» مصدر على زنة المرّة من البغت وهو المفاجأة أي الحصول بدون تهيؤ له ، وقد مضى القول فيها عند قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) في سورة الأنعام [٣١].
وجملة : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) مؤكدة لجملة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) ومبينة لكيفية سؤالهم فلذينك فصلت.
وحذف متعلق السؤال لعلمه من الجملة الأولى.
و (حَفِيٌ) فعيل فيجوز أن يكون بمعنى فاعل مشتقا من حفي به ، مثل غني فهو غني إذا أكثر السؤال عن حاله تلطفا ، ويكون المعنى كأنك أكثرت السؤال عن وقتها حتى علمته ، فيكون وصف حفي كناية عن العالم بالشيء ، لأن كثرة السؤال تقتضي حصول العلم بالمسئول عنه ، وبهذا المعنى فسر في «الكشاف» فهو من الكناية بالسؤال عن طلب العلم ، لأن السؤال سبب العلم ، كقول السموأل أو عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي أو غيرهما :
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم |
|
فليس سواء عالم وجهول |
وقول عامر بن الطفيل :
طلقت إن لم تسألي أي فارس |
|
حليلك إذ لاقى صداء وخثعها |
وقول أنيف بن زبّان النبهاني :
فلما التقينا بين السيف بيننا |
|
لسائلة عنّا حفيّ سؤالها |
ويجوز أن يكون مشتقا من أحفاه إذا ألح عليه في فعل ، فيكون فعيلا بمعنى مفعل