فجملة «جالوا» خبر عن الخيل وضمير «جالوا» عائد على ما عاد عليه ضمير «وهم» لا على الخيل. وقوله فوارس خبر ضمير الجمع.
ويجوز أن يكون المراد من الإخوان الأولياء ويكون الضميران للمشركين أيضا ، أي وإخوان المشركين وأولياؤهم ، فيكون «الإخوان» صادقا بالشياطين كما فسر قتادة ، لأنه إذا كان المشركون إخوان الشياطين ، كما هو معلوم ، كان الشياطين إخوانا للمشركين لأن نسبة الأخوة تقتضي جانبين ، وصادقا بعظماء المشركين ، فالخبر جار على من هو له ، وقد كانت هذه المعاني مجتمعة في هذه الآيات بسبب هذا النظم البديع.
وقرأ نافع ، وأبو جعفر : (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بضم الياء وكسر الميم ـ من الامداد وهو تقوية الشيء بالمدد والنجدة كقوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء : ١٣٣] ، وقرأه البقية : (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بفتح الياء وضم الميم ـ من مد الحبل يمده إذا طوله ، فيقال : مد له إذا أرخى له كقولهم : (مد الله في عمرك) وقال أبو علي الفارسي في كتاب «الحجة» «عامة ما جاء في التنزيل مما يستحب أمددت على أفعلت كقوله : (أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) [المؤمنون : ٥٥] (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ) [الطور : ٢٢] و (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) [النمل : ٣٦] ، وما كان بخلافه يجيء على مددت قال تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البقرة : ١٥] فهذا يدل على أن الوجه فتح الياء كما ذهب إليه الأكثر من القراء ـ والوجه في قراءة من قرأ يمدونهم ـ أي بضم الياء ـ أنه مثل (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١] (أي هو استعارة تهكمية والقرينة قوله في الغي كما أن القرينة في الآية الأخرى قوله بعذاب) وقد علمت أن وقوع أحد الفعلين أكثر في أحد المعنيين لا يقتضي قصر إطلاقه على ما غلب إطلاقه فيه عند البلغاء وقراءة الجمهور (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بفتح التحتية ـ تقتضي أن يعدى فعل (يَمُدُّونَهُمْ) إلى المفعول باللام ، يقال مد له إلا أنه كثرت تعديته بنفسه على نزع الخافض كقوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) وقد تقدم في سورة البقرة [١٥].
والغي الضلال وقد تقدم آنفا.
و (في) من قوله : (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) على قراءة نافع وأبي جعفر استعارة تبعية بتشبيه الغي بمكان المحاربة ، وأما على قراءة الجمهور فالمعنى : وإخوانهم يمدون لهم في الغي من مد للبعير في الطول.
أي يطيلون لهم الحبل في الغي ، تشبيها لحال أهل الغواية وازديادهم فيها بحال النعم المطال لها الطول في المرعى وهو الغي ، وهو تمثيل صالح لاعتبار تفريق التشبيه في