هو على تقدير التّعريف بالإضافة إلى السّورة ذات المص ، وكذلك سمّاها الشّيخ ابن أبي زيد في «الرّسالة» في باب سجود القرآن. ولم يعدّوا هذه السّور ذات الأسماء المتعدّدة. وأمّا ما في حديث زيد من أنّها تدعى طولى الطّوليين فعلى إرادة الوصف دون التلقيب. وذكر الفيروزآبادي في كتاب «بصائر ذوي التّمييز» أنّ هذه السّورة تسمى سورة الميقات لاشتمالها على ذكر ميقات موسى في قوله : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) [الأعراف : ١٤٣]. وأنّها تسمى سورة الميثاق لاشتمالها على حديث الميثاق في قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)(١) [الأعراف : ١٧٢].
وهي مكّية بلا خلاف. ثمّ قيل جميعها مكّي ، وهو ظاهر رواية مجاهد وعطاء الخراساني عن ابن عبّاس ، وكذلك نقل عن ابن الزّبير ، وقيل نزل بعضها بالمدينة ، قال قتادة آية : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) [الأعراف : ١٦٣] نزلت بالمدينة ، وقال مقاتل من قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) ـ إلى قوله ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ) ذرياتهم [الأعراف : ١٧٢] نزلت بالمدينة ، فإذا صحّ هذا احتمل أن تكون السورة نزلت بمكّة ثم ألحق بها الآيتان المذكورتان ، واحتمل أنّها نزلت بمكّة وأكمل منها بقيتها تانك الآيتان.
ولم أقف على ما يضبط به تاريخ نزولها ؛ وعن جابر بن زيد أنّها نزلت بعد سورة ص وقبل سورة (قُلْ أُوحِيَ) [الجن : ١] ، وظاهر حديث ابن عبّاس في «صحيح البخاري» أنّ سورة (قُلْ أُوحِيَ) أنزلت في أوّل الإسلام حين ظهور دعوة محمّدصلىاللهعليهوسلم ، وذلك في أيّام الحجّ ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم متوجّه بأصحابه إلى سوق عكاظ ، فلعلّ ذلك في السنة الثّانية من البعثة ، ولا أحسب أن تكون سورة الأعراف قد نزلت في تلك المدّة لأنّ السّور الطوال يظهر أنّها لم تنزل في أوّل البعثة. ولم أقف على هاتين التّسميتين في كلام غيره.
وهي من السّبع الطّوال التي جعلت في أوّل القرآن لطولها وهي سور : البقرة ، وآل عمران ، والنّساء ، والمائدة ، الأنعام ، والأعراف ، وبراءة ، وقدم المدني منها وهي سور : البقرة ، وآل عمران ، والنّساء ، والمائدة ، ثمّ ذكر المكي وهو : الأنعام ، والأعراف على ترتيب المصحف العثماني اعتبارا بأنّ سورة الأنعام أنزلت بمكّة بعد سورة الأعراف فهي
__________________
(١) طبع مطابع شركة الإعلانات الشّرقيّة بالقاهرة سنة ١٣٨٤ ه ، صفحة ٢٠٣ الجزء الأوّل.