[٣٧٣] فإن قيل : ما فائدة تكرار المعنى الواحد في مقاومة الجماعة لأكثر منها قبل التخفيف وبعده في قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [الأنفال : ٦٥] إلى قوله : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال : ٦٦]؟
قلنا : فائدته الدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة لا تتفاوت ؛ بل كما ينصر الله تعالى العشرين على المائتين ينصر المائة على الألف ، وكما ينصر المائة على المائتين ينصر الألف على الألفين.
[٣٧٤] فإن قيل : كيف أخبر الله تعالى عن هذه الغلبة ونحن نشاهد الأمر بخلافها ، فإن المائة من الكفار قد تغلب المائة من المسلمين ؛ بل المائتين في بعض الأحوال؟
قلنا : إنما أخبر الله عزوجل عن هذه الغلبة بشرط الصبر الذي هو الثبات في موقف الحرب ، أو الذي هو الموافقة بين المسلمين ظاهرا وباطنا ؛ فمتى وجد الشرط تحققت الغلبة للمسلمين مع قلتهم لا محالة. ولقائل أن يقول إن هذه الغلبة مخصوصة بطائفة كان النبي صلىاللهعليهوسلم أحدهم ، وسياق الآية يدل عليه.
[٣٧٥] فإن قيل : كيف قال الله تعالى (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] مع أنه يريد الدّنيا أيضا ؛ لأنه لو لا إرادته إياها لما وجدت ، فما فائدة هذا التخصيص؟
قلنا : المراد بالإرادة هنا الاختيار والمحبة ، لا إرادة الوجود والكون ، فالمعنى أتحبون عرض الحياة الدنيا وتختارونه ، والله يختار ما هو سبب الجنة وهو إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل.