قلنا : لأنها صفة ثامنة ، والعرب تدخل الواو بعد السبعة إيذانا بتمام العدد ، فإن السبعة عندهم هي العقد التام كالعشرة عندنا ، فأتوا بحرف العطف الدال على المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ، ونظيره قوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] بعد ما ذكر العدد مرتين بغير واو ، وقوله تعالى في صفة الجنة (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] بالواو لأنها ثمانية. وقال في صفة النار نعوذ بالله منها فتحت أبوابها بغير واو لأنها سبعة ، وليس قوله تعالى : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) [التحريم : ٥] من هذا القبيل ، لأن الواو لو أسقطت فيه لاستحال المعنى لتناقض الصفتين. وقيل : إنما دخلت الواو على الناهين عن المنكر إعلاما بأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر في حال أمره بالمعروف ، فهما صفتان متلازمتان بخلاف باقي الصفات المذكورة فإنها ليست متلازمة ، ولا ينقض هذا بقوله تعالى : (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) [التوبة : ١١٢] ؛ لأنهما ليستا صفتين متلازمتين ؛ لأن السجود يلزم الرّكوع ، أما الرّكوع فلا يلزم السجود بدليل سجود التلاوة وسجود الشكر ، والزمخشري لم يتكلم على هذه الواو.
[٤١١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [التوبة : ١٢١] أي بأحسن الذي كانوا يعملون بإضمار حرف الجر ، مع أنهم يجزون بحسنة أيضا لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة : ٧]؟
قلنا : معناه بحسن الذي كانوا يعملون ، وهو الطاعات كلها ، لا بسيئة وهو المعاصي ، فالأحسن هنا بمعنى الحسن ، وسيأتي في سورة الرّوم في قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] ما يوضح هذا إن شاء الله تعالى.
الثاني : أنّ معناه ليجزيهم الله أحسن من الذي كانوا يعملون.
[٤١٢] فإن قيل : قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤] يدل على أن الإيمان يقبل الزيادة؟
قلنا : قال مجاهد : معناه فزادتهم علما ؛ لأن العلم من ثمرات الإيمان فجعل مجازا عنه ، والله أعلم.