قلنا : لأن الأنعام كانت من أعز أموالهم عندهم ، وكان بنوهم هم الذين يعينونهم على حفظها والقيام عليها ، فلهذا قرن بينهما.
[٧٨٣] فإن قيل : قوله تعالى : ((أَوَعَظْتَ) أو لم تعظ) أخصر من قوله : (أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) [الشعراء : ١٣٦] فكيف عدل عنه؟
قلنا : مرادهم سواء علينا أفعلت هذا الفعل أم لم تكن من أهله أصلا ، وهذا أبلغ في قلة اعتدادهم بوعظه من قولهم أو لم تعظ.
[٧٨٤] فإن قيل : قوله تعالى : (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ) [الشعراء : ١٥٧ ، ١٥٨] كيف أخذهم العذاب بعد ما ندموا على جنايتهم ، وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «الندم توبة»؟
قلنا : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ندموا حين رأوا العذاب ، وذلك ليس وقت التوبة كما قال الله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) [النساء : ١٨] الآية. وقيل : كان ندمهم ندم خوف من العذاب العاجل لا ندم توبة فلذلك لم ينفعهم.
[٧٨٥] فإن قيل : كيف طلب لوط عليهالسلام تنجيته من اللواطة بقوله : (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) [الشعراء : ١٦٩] واللواطة كبيرة ، والأنبياء معصومون من الكبائر؟
قلنا : مراده رب نجني وأهلي من عقوبة عملهم أو من شؤمه ، والدليل على ذلك ضمه أهله إليه في الدعاء ، واستثناء الله تعالى امرأته من قبول الدعوة.
[٧٨٦] فإن قيل : كيف قال تعالى في قصة شعيب عليهالسلام (إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) [الشعراء : ١٧٧] ولم يقل أخوهم ، كما قال تعالى في حقّ غيره هنا ، وكما قال في حقه في موضع آخر؟
قلنا : لأنه هنا ذكر مع أصحاب الأيكة وهو لم يكن منهم ، وإنما كان من نسل مدين ، كذا قال مقاتل. وفي الحديث أن شعيبا عليهالسلام أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة. وقال ابن جرير الطبري : أهل مدين هم أصحاب الأيكة ، فعلى هذا يكون حذف الأخ تخفيفا.
[٧٨٧] فإن قيل : ما الفرق بين حذف الواو في قصة صالح عليهالسلام وإثباتها
__________________
[٧٨٦] ابن جرير : هو محمد بن يزيد الطبري ، أبو جعفر ، مؤرخ ومفسّر. ولد في آمل طبرستان سنة ٢٢٤ ه وأقام ببغداد. وتوفي سنة ٣١٠ ه. من مؤلفاته : أخبار الرسل والملوك (المعروف بتاريخ الطبري) ، جامع البيان في تفسير القرآن (المعروف بتفسير الطبري) ، اختلاف الفقهاء ، الخ. وهو أحد أصحاب المذاهب الفقهية المنقرضة.